responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 58
غَيْرِ مَمْنُوعٍ لِنَفْسِهِ يُخَافُ مِنَ ارْتِكَابِهِ الْوُقُوعُ فِي مَمْنُوعٍ. أَمَّا الْكِتَابُ فَهَذِهِ الْآيَةُ، وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهَا أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ وَهِيَ سَبٌّ بِلُغَتِهِمْ، فَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنَعَ مِنْ إِطْلَاقِ ذَلِكَ اللَّفْظِ، لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلسَّبِّ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ «[1]» " فَمَنَعَ مِنْ سَبِّ آلِهَتَهُمْ مَخَافَةَ مقابلتهم بمثل ذلك، وقوله تعالى:" وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ «[2]» " الْآيَةَ، فَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الصَّيْدَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ، فَكَانَتِ الْحِيتَانُ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ شُرَّعًا، أَيْ ظَاهِرَةً، فَسَدُّوا عَلَيْهَا يَوْمَ السَّبْتِ وَأَخَذُوهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَكَانَ السَّدُّ ذَرِيعَةً لِلِاصْطِيَادِ، فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَذَكَرَ اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ فِي مَعْنَى التَّحْذِيرِ عَنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى لِآدَمَ وَحَوَّاءَ:" وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ" وَقَدْ تَقَدَّمَ [3]. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ثَابِتَةٌ صَحِيحَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ ذكرتا كنيسة رأياها بالحبشة فيها تصاويي [فَذَكَرَتَا [4] ذَلِكَ] لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ (. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فَفَعَلَ ذَلِكَ أَوَائِلُهُمْ لِيَتَأَنَّسُوا بِرُؤْيَةِ تِلْكَ الصُّوَرِ وَيَتَذَكَّرُوا أَحْوَالَهُمُ الصَّالِحَةَ فَيَجْتَهِدُونَ كَاجْتِهَادِهِمْ وَيَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ قُبُورِهِمْ، فَمَضَتْ لَهُمْ بِذَلِكَ أَزْمَانٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ جَهِلُوا أَغْرَاضَهُمْ، وَوَسْوَسَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّ آبَاءَكُمْ وَأَجْدَادَكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ هَذِهِ الصُّورَةَ فَعَبَدُوهَا، فَحَذَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ، وَشَدَّدَ النَّكِيرَ وَالْوَعِيدَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَسَدَّ الذَّرَائِعَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى ذَلِكَ فَقَالَ: (اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ) وَقَالَ: (اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ). وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُتَشَابِهَاتٌ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ [5] (الْحَدِيثَ، فَمَنَعَ مِنَ الْإِقْدَامِ

[1] راجع ج 7 ص 61 وص 304.
[2] راجع ج 7 ص 61 وص 304.
[3] راجع ج 1 ص 304.
[4] زيادة عن صحيح البخاري.
[5] ورد هذا في صحيح مسلم كتاب البيوع ببعض اختلاف في ألفاظه.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست