responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 42
كَانَ نَبِيًّا! وَاللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا سَاحِرًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا" أَيْ أَلْقَتْ إِلَى بَنِي آدَمَ أَنَّ مَا فَعَلَهُ سُلَيْمَانُ مِنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ وَاسْتِسْخَارِ الطَّيْرِ وَالشَّيَاطِينِ كَانَ سِحْرًا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَتَبَتِ الشَّيَاطِينُ السِّحْرَ وَالنِّيرَنْجِيَّاتِ [1] عَلَى لِسَانِ آصِفَ كَاتِبَ سُلَيْمَانَ، وَدَفَنُوهُ تَحْتَ مُصَلَّاهُ حِينَ انْتَزَعَ اللَّهُ مُلْكَهُ وَلَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ اسْتَخْرَجُوهُ وَقَالُوا لِلنَّاسِ: إِنَّمَا مَلَكَكُمْ بِهَذَا فَتَعَلَّمُوهُ، فَأَمَّا عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا عِلْمُ سُلَيْمَانَ! وَأَمَّا السَّفَلَةُ فَقَالُوا: هَذَا عِلْمُ سُلَيْمَانَ، وَأَقْبَلُوا عَلَى تَعْلِيمِهِ وَرَفَضُوا كُتُبَ أَنْبِيَائِهِمْ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ عُذْرَ سُلَيْمَانَ وَأَظْهَرَ بَرَاءَتَهُ مِمَّا رُمِيَ بِهِ فَقَالَ:" وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ". قال عطاء:" تَتْلُوا" تقرأ من التلاوة. وقال ابن عباس:" تَتْلُوا" تَتْبَعُ، كَمَا تَقُولُ: جَاءَ الْقَوْمُ يَتْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ:" اتَّبَعُوا" بِمَعْنَى فَضَّلُوا. قُلْتُ: لِأَنَّ كُلَّ مَنِ اتَّبَعَ شَيْئًا وَجَعَلَهُ أَمَامَهُ فقد فضله على غيره، ومعنى" تَتْلُوا" يَعْنِي تَلَتْ، فَهُوَ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِذَا مَرَرْتَ بِقَبْرِهِ فَاعْقِرْ بِهِ ... كُومَ الْهِجَانِ [2] وَكُلَّ طَرَفٍ سَابِحِ
وَانَضَحْ جَوَانِبَ قَبْرِهِ بِدِمَائِهَا ... فلقد يكون أخادم وذبائح
أي فلقد كان. و" ما" مَفْعُولُ بِ" اتَّبَعُوا" أَيِ اتَّبَعُوا مَا تَقَوَّلَتْهُ الشَّيَاطِينُ عَلَى سُلَيْمَانَ وَتَلَتْهُ. وَقِيلَ:" مَا" نَفْيٌ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لَا فِي نِظَامِ الْكَلَامِ وَلَا في صحته، قال ابْنُ الْعَرَبِيِّ." عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ" أَيْ عَلَى شرعه ونبوته. قال الزجاج: المعنى عَلَى عَهْدِ مُلْكِ سُلَيْمَانَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ، يَعْنِي فِي قَصَصِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَخْبَارِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: تَصْلُحُ عَلَى وَفِي، فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَقَالَ" عَلى " وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ لقوله تعالى:

[1] اختلفت الأصول في رسم هذه الكلمة، والذي في القاموس:" النيرنج" قال شارح القاموس:" هكذا في سائر النسخ، والمنقول عن نص كلام الليث:" النيرج" بإسقاط النون الثانية. وكذا ورد في اللسان. وهو أحد كالسحر وليس به، إنما هو تشبيه وتلبيس". [ ..... ]
[2] الكوم (بالضم): جمع كوماء، وهى الناقة العظيمة السنام. والهجان من الإبل: البيض الكرام.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست