responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 410
فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ يُقَاوِمُ صَاحِبَهُ حَتَّى يَغْلِبَهُ، فَيَكُونُ كَمَنْ ضَرَبَ بِهِ الْجَدَالَةَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ أَرْكَبُ الْآلَةَ بَعْدَ الْآلَةِ [1] ... وأترك العاجز بالجداله
منعفرا لست لَهُ مَحَالَهْ

الْعَاشِرَةُ- وَاخْتَلَفَتِ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِهِ هُنَا عَلَى أَقْوَالٍ سِتَّةٍ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ: الْجِدَالُ هُنَا أَنْ تُمَارِيَ مُسْلِمًا حَتَّى تُغْضِبَهُ فَيَنْتَهِي إِلَى السِّبَابِ، فَأَمَّا مُذَاكَرَةُ الْعِلْمِ فَلَا نَهْيَ عَنْهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْجِدَالُ السِّبَابُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: الْجِدَالُ هُنَا أَنْ يَخْتَلِفَ النَّاسُ: أَيُّهُمْ صَادَفَ مَوْقِفَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حِينَ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَقِفُ فِي غَيْرِ مَوْقِفِ سَائِرِ الْعَرَبِ، ثُمَّ يَتَجَادَلُونَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ: لَا جِدَالَ فِي مَوَاضِعِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْجِدَالُ هُنَا أَنْ تَقُولَ طَائِفَةٌ: الْحَجُّ الْيَوْمَ، وَتَقُولُ طَائِفَةٌ: الْحَجُّ غَدًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ: الْجِدَالُ الْمُمَارَاةُ فِي الشُّهُورِ حَسَبَ مَا كانت عليه العرب من النسي، كَانُوا رُبَّمَا جَعَلُوا الْحَجَّ فِي غَيْرِ ذِي الْحَجَّةِ، وَيَقِفُ بَعْضُهُمْ بِجَمْعٍ [2] وَبَعْضُهُمْ بِعَرَفَةَ، وَيَتَمَارَوْنَ فِي الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ لَا جِدَالَ فِي وَقْتِهِ وَلَا فِي مَوْضِعِهِ، وَهَذَانَ الْقَوْلَانِ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ" وَلا جِدالَ"، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يوم خلق الله السموات وَالْأَرْضَ) الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي فِي" بَرَاءَةٌ" [3]. يَعْنِي رَجَعَ أم الْحَجِّ كَمَا كَانَ، أَيْ عَادَ إِلَى يَوْمِهِ وَوَقْتِهِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَجَّ: (خُذُوا عَنِّي مَنَاسِككُمْ) فَبَيَّنَ بِهَذَا مَوَاقِفَ الْحَجِّ وَمَوَاضِعَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: الْجِدَالُ أَنْ تَقُولَ طَائِفَةٌ: حَجُّنَا أَبَرُّ مِنْ حَجِّكُمْ. وَيَقُولُ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: الْجِدَالُ كَانَ فِي الْفَخْرِ بِالْآبَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ" شَرْطٌ وَجَوَابُهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ يُجَازِيكُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ، لِأَنَّ الْمُجَازَاةَ إِنَّمَا تَقَعُ من العالم بالشيء. وقيل:

[1] الآلة: الحالة، والشدة.
[2] هي المزدلفة.
[3] راجع ج 8 ص 132.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست