responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 400
وَأَيَّامُ مِنًى هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَلِي يَوْمَ النَّحْرِ. رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ:" الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى". وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الصَّوْمِ مِنْ وَقْتِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ الْمُتَمَتِّعِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَبْدَأٌ، إِمَّا لِأَنَّهُ وَقْتُ الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَيَّامِ مِنًى وَقْتُ الْقَضَاءِ، عَلَى مَا يَقُولُهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَإِمَّا لِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ الصِّيَامِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ إِبْرَاءَ لِلذِّمَّةِ، وَذَلِكَ مَأْمُورٌ بِهِ. وَالْأَظْهَرُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا عَلَى وَجْهِ الْأَدَاءِ، وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ قَبْلَهَا أَفْضَلَ، كَوَقْتِ الصَّلَاةِ الَّذِي فِيهِ سَعَةٌ لِلْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ أَفْضَلَ مِنْ آخِرِهِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَأَنَّهَا أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ:" أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ" يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَوْضِعَ الْحَجِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَيَّامَ الْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَيَّامَ الْحَجِّ فَهَذَا الْقَوْلُ صَحِيحٌ، لِأَنَّ آخِرَ أَيَّامِ الْحَجِّ يَوْمُ النَّحْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ أَيَّامِ الْحَجِّ أَيَّامَ الرَّمْيِ، لِأَنَّ الرَّمْيَ عَمَلٌ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ خَالِصًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَرْكَانِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَوْضِعَ الْحَجِّ صَامَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ مِنًى، كَمَا قَالَ عُرْوَةُ، وَيَقْوَى جِدًّا. وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا ابْتِدَاءً إِلَى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصِّيَامُ إِلَّا بِأَلَّا يَجِدُ الْهَدْي يَوْمَ النَّحْرِ. فَإِنْ قِيلَ وَهِيَ: الثَّانِيَةُ- فَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى، قِيلَ لَهُ: إِنْ ثَبَتَ النَّهْيُ فَهُوَ عَامٌّ يُخَصَّصُ مِنْهُ الْمُتَمَتِّعُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُومُهَا. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْي. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ مَرْفُوعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ مِنْ طُرُقٍ ثَلَاثَةٍ ضَعَّفَهَا. وَإِنَّمَا رَخَّصَ فِي صَوْمِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَيَّامِهِ إِلَّا بِمِقْدَارِهَا، وَبِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ وُجُوبُ الصَّوْمِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَدْ رُوِينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا فَاتَهُ الصَّوْمُ صَامَ بَعْدَ أَيَّامِ التشريق، وقاله الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ.

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 400
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست