responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 35
قُلْتُ: وَفِيهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ حَقَّ الْعِمَادِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ، مِثْلَ قَوْلِهِ:" إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ «[1]» "، وَقَوْلُهُ:" وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ «[2]» " وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقِيلَ:" مَا" عَامِلَةٌ حجازية، و" هُوَ" اسْمُهَا، وَالْخَبَرُ فِي" بِمُزَحْزِحِهِ". وَقَالَتْ طَائِفَةٌ:" هُوَ" ضَمِيرُ الْأَمْرِ وَالشَّأْنِ. ابْنُ عَطِيَّةَ: وَفِيهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ الْمَحْفُوظَ عَنِ النُّحَاةِ أَنْ يُفَسَّرَ بِجُمْلَةٍ سَالِمَةٍ مِنْ حَرْفِ جَرٍّ. وَقَوْلُهُ:" بِمُزَحْزِحِهِ" الزَّحْزَحَةُ: الْإِبْعَادُ وَالتَّنْحِيَةُ، يُقَالُ: زَحْزَحْتُهُ أَيْ بَاعَدْتُهُ فَتَزَحْزَحَ أَيْ تَنَحَّى وَتَبَاعَدَ، يَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا، قَالَ الشَّاعِرُ فِي الْمُتَعَدِّي:
يَا قَابِضُ الرُّوحِ مِنْ نَفْسٍ إِذَا احْتُضِرَتْ ... وَغَافِرُ الذَّنْبِ زَحْزِحْنِي عَنِ النَّارِ
وَأَنْشَدَهُ ذُو الرُّمَّةِ:
يَا قَابِضَ الرُّوحِ عَنْ جِسْمٍ عَصَى زَمَنًا ... وَغَافِرَ الذَّنْبِ زَحْزِحْنِي عَنِ النَّارِ
وَقَالَ آخَرُ فِي اللَّازِمِ:
خَلِيلَيَّ مَا بَالُ الدُّجَى لَا يَتَزَحْزَحُ ... وَمَا بَالُ ضَوْءِ الصُّبْحِ لَا يَتَوَضَّحُ
وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ زَحْزَحَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا). قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ" أَيْ بِمَا يَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ أَنْ يُعَمَّرَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ فَالتَّقْدِيرُ عِنْدَهُ. قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ اللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ بَصِيرٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَالِمٌ بِخَفِيَّاتِ الْأُمُورِ. وَالْبَصِيرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْعَالِمُ بِالشَّيْءِ الْخَبِيرُ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ بَصِيرٌ بِالطِّبِّ، وَبَصِيرٌ بِالْفِقْهِ، وَبَصِيرٌ بِمُلَاقَاةِ الرِّجَالِ، قَالَ:
فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي ... بَصِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْبَصِيرُ الْعَالِمُ، وَالْبَصِيرُ الْمُبْصِرُ. وَقِيلَ: وَصَفَ تَعَالَى نَفْسَهُ بِأَنَّهُ بَصِيرٌ عَلَى مَعْنَى جَاعِلِ الْأَشْيَاءِ الْمُبْصِرَةِ ذَوَاتِ إِبْصَارٍ، أَيْ مُدْرِكَةً لِلْمُبْصَرَاتِ بِمَا خَلَقَ لَهَا مِنَ الْآلَةِ الْمُدْرِكَةِ وَالْقُوَّةِ، فَاللَّهُ بَصِيرٌ بِعِبَادِهِ، أَيْ جَاعِلٌ عِبَادَهُ مُبْصِرِينَ.

[1] راجع ج 7 ص 398.
[2] راجع ج 16 ص 115.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست