responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 330
وَإِسْحَاقُ وَابْنُ وَهْبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ. وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ الْوِصَالَ بِأَنْ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ النَّهْيُ عَنِ الْوِصَالِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، فَخَشِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَكَلَّفُوا الْوِصَالَ وَأَعْلَى الْمَقَامَاتِ فَيَفْتُرُوا أَوْ يَضْعُفُوا عَمَّا كَانَ أَنْفَعُ مِنْهُ مِنَ الْجِهَادِ وَالْقُوَّةِ عَلَى الْعَدُوِّ، وَمَعَ حَاجَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَكَانَ هُوَ يَلْتَزِمُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ الْوِصَالَ وَأَعْلَى مَقَامَاتِ الطَّاعَاتِ، فَلَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ وِصَالِهِمْ أَبْدَى لَهُمْ فَارِقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ حَالَتَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ حَالَاتِهِمْ فَقَالَ: (لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي). فَلَمَّا كَمُلَ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ وَاسْتَحْكَمَ فِي صُدُورِهِمْ وَرَسَخَ، وَكَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَظَهَرُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَاصَلَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَأَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ: تَرْكُ الْوِصَالِ مَعَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَقَهْرِ الْأَعْدَاءِ أَوْلَى، وَذَلِكَ أَرْفَعُ الدَّرَجَاتِ وَأَعْلَى الْمَنَازِلِ وَالْمَقَامَاتِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ بِزَمَانِ صَوْمٍ شَرْعِيٍّ، حَتَّى لَوْ شَرَعَ إِنْسَانٌ فِيهِ الصَّوْمَ بِنِيَّةِ مَا أُثِيبَ عَلَيْهِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ وَاصَلَ، وَإِنَّمَا الصَّحَابَةُ ظَنُّوا ذَلِكَ فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُطْعَمُ وَيُسْقَى. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِطَعَامِ الْجَنَّةِ وَشَرَابِهَا. وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَرِدُ عَلَى قَلْبِهِ مِنَ الْمَعَانِي وَاللَّطَائِفِ، وَإِذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ فَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ حَتَّى يَرِدَ دَلِيلٌ يُزِيلُهَا. ثُمَّ لَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ وَهُوَ عَلَى عَادَتِهِ كَمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ، وَهُمْ عَلَى عَادَتِهِمْ حَتَّى يَضْعُفُوا وَيَقِلَّ صَبْرُهُمْ فَلَا يُوَاصِلُوا. وَهَذِهِ حَقِيقَةُ التَّنْكِيلِ حَتَّى يَدَعُوا تَعَمُّقَهُمْ وَمَا أَرَادُوهُ مِنَ التَّشْدِيدِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. وَأَيْضًا لَوْ تَنَزَّلْنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: (أُطْعَمَ وَأُسْقَى) الْمَعْنَى لَكَانَ مُفْطِرًا حُكْمًا، كَمَا أَنَّ مَنِ اغْتَابَ فِي صَوْمِهِ أَوْ شَهِدَ بِزُورٍ مُفْطِرٍ حُكْمًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةً فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ). وَعَلَى هَذَا الْحَدِّ مَا وَاصَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَمَرَ بِهِ، فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ- وَيُسْتَحَبُّ لِلصَّائِمِ إِذَا أَفْطَرَ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى رُطَبَاتٍ أَوْ تَمَرَاتٍ أَوْ حُسُوَاتٍ مِنَ الْمَاءِ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست