responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 238
وَالنَّصَارَى لِأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّوَجُّهِ وَالتَّوَلِّي، فَالْيَهُودُ إِلَى الْمَغْرِبِ قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالنَّصَارَى إِلَى الْمَشْرِقِ مَطْلِعَ الشَّمْسِ، وَتَكَلَّمُوا فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَفَضَّلَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ تَوْلِيَتَهَا، فَقِيلَ لَهُمْ: لَيْسَ الْبِرَّ مَا أَنْتُمْ فِيهِ، وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ. الثَّانِيَةُ- قَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ" الْبِرَّ" بِالنَّصْبِ، لِأَنَّ لَيْسَ مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ، يَقَعُ بَعْدَهَا الْمَعْرِفَتَانِ فَتَجْعَلُ أَيَّهُمَا شِئْتَ الِاسْمَ أَوِ الْخَبَرَ، فَلَمَّا وَقَعَ بَعْدُ" لَيْسَ":" الْبِرُّ" نَصَبَهُ، وَجَعَلَ" أَنْ تُوَلُّوا" الِاسْمَ، وَكَانَ الْمَصْدَرُ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ اسْمًا لِأَنَّهُ لَا يَتَنَكَّرُ، وَالْبِرُّ قَدْ يَتَنَكَّرُ وَالْفِعْلُ أَقْوَى فِي التَّعْرِيفِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ" الْبِرُّ" بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لَيْسَ، وَخَبَرُهُ" أَنْ تُوَلُّوا"، تَقْدِيرُهُ: لَيْسَ الْبِرُّ تَوْلِيَتَكُمْ وُجُوهَكُمْ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ تَوْلِيَتُكُمْ وُجُوهَكُمُ الْبِرَّ، كَقَوْلِهِ:" مَا كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا «[1]» " [الجاثية: 25]،" ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا «[2]» " [الروم: 10] " فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ «[3]» " [الحشر: 17] وَمَا كَانَ مِثْلُهُ. وَيُقَوِّي قِرَاءَةَ الرَّفْعِ أَنَّ الثَّانِي مَعَهُ الْبَاءُ إِجْمَاعًا فِي قَوْلِهِ:" وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها" [البقرة: 189] وَلَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا الرَّفْعُ، فَحَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ لَهُ. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ بِالْبَاءِ" لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تُوَلُّوا" وَكَذَلِكَ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ، وَالْقِرَاءَتَانِ حَسَنَتَانِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ" الْبِرُّ هَا هُنَا اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَكِنَّ الْبِرَّ بِرُّ مَنْ آمَنَ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ، كقوله تعالى:" وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «[4]» " [يوسف: 82]،" وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ «[5]» " [البقرة: 93] قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَقُطْرُبٌ وَالزَّجَّاجُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وَإِدْبَارٌ

أَيْ ذَاتُ إِقْبَالٍ وَذَاتُ إِدْبَارٍ. وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وَكَيْفَ تُوَاصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خِلَالَتُهُ كَأَبِي مَرْحَبِ «6»

[1] راجع ج 16 ص 173.
[2] راجع ج 14 ص 10.
[3] راجع ج 18 ص 42.
[4] راجع ج 9 ص 246.
[5] راجع ص 31 من هذا الجزء.
(6). الخلالة: (بفتح الخاء وكسرها وضمها، جمع الخلة): الصداقة. وَأَبُو مَرْحَبٍ: كُنْيَةُ الظِّلِّ، وَيُقَالُ: هُوَ كُنْيَةُ عرقوب. يقول: خلة هذه المرأة ووصالها لا يثبت كما لا تثبت خلة أبى مرحب، فلا ينبغي أن نستأنس إليها ويعتد بها. (عن اللسان وشرح الشواهد).
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست