responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 172
كل شي، وحفظ الله عليه كل شي، وكان له عوضا من كل شي. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ. وَالْأَحَادِيثُ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ وَثَوَابِهِ كَثِيرَةٌ خَرَّجَهَا الْأَئِمَّةُ. رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: (لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ). وَخُرِّجَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ أَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا هُوَ ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ). وَسَيَأْتِي لِهَذَا الْبَابِ مَزِيدُ بَيَانٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً «[1]» " وَأَنَّ الْمُرَادَ ذِكْرُ الْقَلْبِ الَّذِي يَجِبُ اسْتِدَامَتُهُ فِي عُمُومِ الْحَالَاتِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ" قَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ: شَكَرْتُكَ وَشَكَرْتُ لَكَ، وَنَصَحْتُكَ وَنَصَحْتُ لَكَ، وَالْفَصِيحُ الْأَوَّلُ [2]. وَالشُّكْرُ مَعْرِفَةُ الْإِحْسَانِ وَالتَّحَدُّثُ بِهِ، وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الظُّهُورُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ [3]. فَشُكْرُ الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ بِذِكْرِ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، وَشُكْرُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ لِلْعَبْدِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ بِطَاعَتِهِ لَهُ، إِلَّا أَنَّ شُكْرَ الْعَبْدِ نُطْقٌ بِاللِّسَانِ وَإِقْرَارٌ بِالْقَلْبِ بِإِنْعَامِ الرَّبِّ مَعَ الطَّاعَاتِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلا تَكْفُرُونِ" نَهْيٌ، وَلِذَلِكَ حُذِفَتْ مِنْهُ نُونُ الْجَمَاعَةِ، وَهَذِهِ نُونُ الْمُتَكَلِّمِ. وَحُذِفَتِ الْيَاءُ لِأَنَّهَا رَأْسُ آيَةٍ، وَإِثْبَاتُهَا أَحْسَنُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ، أَيْ لَا تَكْفُرُوا نِعْمَتِي وَأَيَادِيَّ. فَالْكُفْرُ هُنَا سَتْرُ النِّعْمَةِ لَا التَّكْذِيبُ. وَقَدْ مضى القول في الكفر [4] لغة، مضى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الِاسْتِعَانَةِ [5] بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ، فَلَا معنى للإعادة.

[سورة البقرة [2]: آية 154]
وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154)

[1] راجع ج 14 ص 197.
[2] الذي في معاجم اللغة أن الفصيح الثاني.
[3] تراجع المسألة الثالثة وما بعدها ج 1 ص 397 طبعه ثانية.
[4] يراجع ج 1 ص 183.
[5] يراجع ج 1 ص 371 طبعه ثانية.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست