responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 157
الْحَدِيثَ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ عِلْمُ الْمُعَايَنَةِ الَّذِي يُوجِبُ الْجَزَاءَ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، عَلِمَ مَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، تَخْتَلِفُ الْأَحْوَالُ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ وَعِلْمُهُ لَا يَخْتَلِفُ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّ تَعَلُّقًا وَاحِدًا. وَهَكَذَا كُلُّ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ «[1]» "،" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ «[2]» " وَمَا أَشْبَهَ. وَالْآيَةُ جَوَابٌ لِقُرَيْشٍ فِي قَوْلِهِمْ:" مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها" وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَأْلَفُ الْكَعْبَةَ، فَأَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَمْتَحِنَهُمْ بِغَيْرِ مَا أَلِفُوهُ لِيَظْهَرَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ لَا يَتَّبِعُهُ. وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ" إِلَّا لِيُعْلَمُ" فَ" مَنْ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، لِأَنَّهَا اسْمُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَعَلَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ." يَتَّبِعُ الرَّسُولَ" يَعْنِي فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ." مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ" يَعْنِي مِمَّنْ يَرْتَدُّ عَنْ دِينِهِ، لِأَنَّ الْقِبْلَةَ لَمَّا حُوِّلَتِ ارتد من المسلمين قوم ونافق قوم. ولهذا قَالَ:" وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً" أَيْ تَحْوِيلُهَا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ. وَالتَّقْدِيرُ فِي الْعَرَبِيَّةِ: وَإِنْ كَانَتِ التَّحْوِيلَةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً" ذَهَبَ الْفَرَّاءُ إِلَى أَنَّ" إِنْ" وَاللَّامَ بِمَعْنَى مَا وَإِلَّا، وَالْبَصْرِيُّونَ يَقُولُونَ: هِيَ إِنَّ الثَّقِيلَةَ خُفِّفَتْ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: أَيْ وَإِنْ كَانَتِ الْقِبْلَةُ أَوِ التَّحْوِيلَةُ أَوِ التَّوْلِيَةُ لَكَبِيرَةً." إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ" أَيْ خَلَقَ الْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ «[3]» ". قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ" اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ [4]. وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا وُجِّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ" الْآيَةَ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَسَمَّى الصَّلَاةَ إِيمَانًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى نِيَّةِ وَقَوْلٍ وَعَمَلٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنِّي لَأَذْكُرُ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَ الْمُرْجِئَةِ: إِنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ:" وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ" أي

[1] راجع ج 4 ص 218. [ ..... ]
[2] راجع ج 16 ص 253.
[3] راجع ج 17 ص 308.
[4] راجع ص 148 من هذا الجزء.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست