responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 119
الثالثة- قوله تعالى:" وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ" تَقَدَّمَ معنى الرزق [1]. والثمرات جمع ثمرة، وقد تَقَدَّمَ [2]." مَنْ آمَنَ" بَدَلُ مِنْ أَهْلِ، بَدَلَ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ. وَالْإِيمَانُ: التَّصْدِيقُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ [3]." قَالَ وَمَنْ كَفَرَ"" مَنْ" فِي قَوْلِهِ" وَمَنْ كَفَرَ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَارْزُقْ مَنْ كَفَرَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَهِيَ شَرْطٌ وَالْخَبَرُ" فَأُمَتِّعُهُ" وَهُوَ الْجَوَابُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ هَذَا الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَرَءُوا" فَأُمَتِّعُهُ" بِضَمِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ." ثُمَّ أَضْطَرُّهُ" بِقَطْعِ الْأَلِفِ وَضَمِّ الرَّاءِ، وَكَذَلِكَ الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ خَلَا ابْنَ عَامِرٍ فَإِنَّهُ سَكَّنَ الْمِيمَ وَخَفَّفَ التَّاءَ. وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ" فَنُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُ" بِالنُّونِ. وَقَالَ ابْنُ عباس ومجاهد وقتادة: هذا القول عن إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَرَءُوا" فَأَمْتِعْهُ" بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ،" ثُمَّ اضْطَرَّهُ" بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، فَكَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَلَى الْكَافِرِينَ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي" قالَ" لِإِبْرَاهِيمَ، وَأُعِيدَ" قالَ" لِطُولِ الْكَلَامِ، أَوْ لِخُرُوجِهِ مِنَ الدُّعَاءِ لِقَوْمٍ إِلَى الدُّعَاءِ عَلَى آخَرِينَ. وَالْفَاعِلُ فِي" قالَ" عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ، وَجَعَلَ الْقِرَاءَةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَوَصْلِ الْأَلِفِ شَاذَّةً، قَالَ: وَنَسَقُ الْكَلَامِ وَالتَّفْسِيرِ جَمِيعًا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِهَا، أَمَّا نَسَقُ الْكَلَامِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَبَّرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ:" رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً" ثُمَّ جَاءَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ بِقَالَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ:" قالَ وَمَنْ كَفَرَ" فَكَانَ هَذَا جَوَابًا مِنَ اللَّهِ، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ. وَأَمَّا التَّفْسِيرُ فَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ. وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ عَبَّاسٍ: دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَنْ آمَنَ دُونَ النَّاسِ خَاصَّةً، فَأَعْلَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَرْزُقُ مَنْ كَفَرَ كَمَا يَرْزُقُ مَنْ آمَنَ، وَأَنَّهُ يُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ يَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ

[1] راجع المسألة الثانية والعشرين ج 1 ص 177.
[2] راجع المسألة الرابعة ج 1 ص 229.
[3] راجع المسألة الاولى ج 1 ص 162 طبعه ثانية. [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست