responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 56
الثَّعْلَبِيُّ: وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْلُقْهُمْ لَمَا عُرِفَ وُجُودُهُ وَتَوْحِيدُهُ. وَدَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ [1] اللَّهُ) (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) [2] وَمَا أَشْبَهُ هَذَا مِنَ الْآيَاتِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا: إِلَّا لِآمُرَهُمْ وَأَنْهَاهُمْ. زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ مَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ الشِّقْوَةِ وَالسَّعَادَةِ، فَخَلَقَ السُّعَدَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لِلْعِبَادَةِ، وَخَلَقَ الْأَشْقِيَاءَ مِنْهُمْ لِلْمَعْصِيَةِ. وَعَنِ الْكَلْبِيِّ أَيْضًا: إِلَّا لِيُوَحِّدُونِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُوَحِّدُهُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُوَحِّدُهُ فِي الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ دُونَ النِّعْمَةِ وَالرَّخَاءِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [3] الْآيَةَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وَيُطِيعُونِ فَأُثِيبَ الْعَابِدَ وَأُعَاقِبَ الْجَاحِدَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى إِلَّا لِأَسْتَعْبِدَهُمْ. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، تَقُولُ: عَبْدٌ بَيِّنٌ الْعُبُودَةَ وَالْعُبُودِيَّةَ، وَأَصْلُ الْعُبُودِيَّةِ الْخُضُوعُ وَالذُّلُّ. وَالتَّعْبِيدُ التَّذْلِيلُ، يُقَالُ: طَرِيقٌ معبد. قال «[4]»:
وَظِيفًا وَظِيفًا فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدٍ

وَالتَّعْبِيدُ الِاسْتِعْبَادُ وَهُوَ أَنْ يَتَّخِذَهُ عَبْدًا. وَكَذَلِكَ الِاعْتِبَادُ. وَالْعِبَادَةُ: الطَّاعَةُ، وَالتَّعَبُّدُ التَّنَسُّكُ. فَمَعْنَى (لِيَعْبُدُونِ) لِيَذِلُّوا وَيَخْضَعُوا وَيَعْبُدُوا. (مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ) (مِنْ) صِلَةٌ أَيْ رِزْقًا بَلْ أَنَا الرَّزَّاقُ وَالْمُعْطِي. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ: أَيْ مَا أُرِيدُ أَنْ يَرْزُقُوا أَنْفُسَهُمْ وَلَا أَنْ يُطْعِمُوهَا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى مَا أُرِيدُ أَنْ يَرْزُقُوا عِبَادِيَ وَلَا أَنْ يُطْعِمُوهُمْ (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَغَيْرُهُ (الرَّازِقُ). (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) أَيِ الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالنَّخَعِيُّ (الْمَتِينُ) بِالْجَرِّ عَلَى النَّعْتِ لِلْقُوَّةِ. الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى النَّعْتِ لِ (الرَّزَّاقُ) أَوْ (ذُو) مِنْ قَوْلِهِ: (ذُو الْقُوَّةِ) أَوْ يَكُونُ خَبَرَ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ يَكُونُ نَعْتًا لِاسْمِ إِنَّ عَلَى الْمَوْضِعِ، أَوْ خَبَرًا بَعْدَ خبر. قال الفراء: كان

[1] راجع ج 16 ص 123 وص (64)
[2] راجع ج 16 ص 123 وص (64)
[3] راجع ج 14 ص (80)
[4] هو طرفة بن العبد، والبيت من معطقته وصدره:
تبارى عتاقا ناجيات وأتبعت
الوظيف عظم الساق. وقوله أتبعت وظيفا وظيفا أي أتبعت وظيف يدها وظيف رجلها، ويستحب من الناقة أن تجعل رجلها في موضع يدها إذا سارت. والمور: الطريق. [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست