responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 176
النَّارِ فَيُغْمَسُونَ بِأَغْلَالِهِمْ فِيهِ حَتَّى تَنْخَلِعَ أَوْصَالُهُمْ، ثُمَّ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَقَدْ أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُمْ خَلْقًا جَدِيدًا فَيُلْقَوْنَ فِي النَّارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ). وَعَنْ كَعْبٍ أَيْضًا: أَنَّهُ الْحَاضِرُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّهُ الَّذِي قَدْ آنَ شُرْبُهُ وَبَلَغَ غَايَتَهُ. وَالنِّعْمَةُ فِيمَا وُصِفَ مِنْ هَوْلِ الْقِيَامَةِ وَعِقَابِ الْمُجْرِمِينَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الزَّجْرِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالتَّرْغِيبِ فِي الطَّاعَاتِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَى عَلَى شَابٍّ فِي اللَّيْلِ يَقْرَأُ (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) فَوَقَفَ الشَّابُّ وَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَجَعَلَ يَقُولُ: وَيْحِي مِنْ يَوْمٍ تَنْشَقُّ فِيهِ السَّمَاءُ وَيْحِي! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَيْحَكَ يا فتى مثلها فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ بَكَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ لِبُكَائِكَ) [1].

[سورة الرحمن (55): الآيات 46 الى 47]
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (46) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (47)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- لَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ أَهْلِ النَّارِ ذَكَرَ مَا أَعَدَّ لِلْأَبْرَارِ. وَالْمَعْنَى خَافَ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ لِلْحِسَابِ فَتَرَكَ الْمَعْصِيَةَ. فَ (مَقامَ) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِيَامِ. وَقِيلَ: خَافَ قِيَامَ رَبِّهِ عَلَيْهِ أَيْ إِشْرَافَهُ وَاطِّلَاعَهُ عَلَيْهِ، بَيَانُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [2]. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: هُوَ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ فَيَدَعُهَا مِنْ خَوْفِهِ. الثَّانِيَةُ- هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجِهِ: إِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إِنْ كَانَ هَمَّ بِالْمَعْصِيَةِ وَتَرَكَهَا خَوْفًا مِنَ اللَّهِ وَحَيَاءً مِنْهُ. وَقَالَ بِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَفْتَى بِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ: جَنَّةٌ لِخَوْفِهِ مِنْ رَبِّهِ، وَجَنَّةٌ لِتَرْكِهِ شَهْوَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ. وَقِيلَ: الْمَقَامُ الْمَوْضِعُ، أَيْ خَافَ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ لِلْحِسَابِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَقَامُ لِلْعَبْدِ ثُمَّ يُضَافُ إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ كَالْأَجَلِ فِي قَوْلِهِ: (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) [3] وَقَوْلِهِ فِي موضع آخر:

[1] في ب، ح، ز، س، ل، هـ: (من بكائك).
[2] راجع ج 9 ص 322.
[3] راجع ج 7 ص 202.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست