responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 60
قلت: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حِينِ نَشَأَ إِلَى حِينِ بُلُوغِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ:" مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ" أَيْ كُنْتَ مِنْ قَوْمٍ أُمِّيِّينَ لَا يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ وَلَا الْإِيمَانَ، حَتَّى تَكُونَ قَدْ أَخَذْتَ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ عَمَّنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وهو كقوله تعالى:" وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ" [1] [العنكبوت: 48] رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا." وَلكِنْ جَعَلْناهُ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: يَعْنِي الْإِيمَانَ. السُّدِّيُّ: الْقُرْآنُ. وَقِيلَ الْوَحْيُ، أَيْ جَعَلْنَا هَذَا الْوَحْيَ" نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ" أَيْ مَنْ نَخْتَارُهُ لِلنُّبُوَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ" [2] [آل عمران: 74]. ووحد الكناية لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي كَثْرَةِ أَسْمَائِهِ بِمَنْزِلَةِ الْفِعْلِ فِي الِاسْمِ الْوَاحِدِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: إِقْبَالُكَ وَإِدْبَارُكَ يُعْجِبُنِي، فَتَوَحَّدَ، وَهُمَا اثْنَانِ." وَإِنَّكَ لَتَهْدِي" أَيْ تَدْعُو وَتُرْشِدُ" إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" دِينٍ قَوِيمٍ لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: إِلَى كِتَابٍ مُسْتَقِيمٍ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ وَحَوْشَبٌ" وَإِنَّكَ لَتُهْدَى" غَيْرَ مُسَمَّى الْفَاعِلِ، أَيْ لَتُدْعَى. الْبَاقُونَ" لَتَهْدِي" مُسَمِّي الْفَاعِلِ. وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ" وَإِنَّكَ لَتَدْعُو". قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا لَا يُقْرَأُ بِهِ، لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلسَّوَادِ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ مَا كَانَ مِثْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَائِلِهِ عَلَى جِهَةِ التَّفْسِيرِ، كَمَا قَالَ" وَإِنَّكَ لَتَهْدِي" أَيْ لَتَدْعُو. وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى" وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" قَالَ:" وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ" [3] [الرعد: 7 [." صِراطِ اللَّهِ" بَدَلٌ مِنَ الْأَوَّلِ بَدَلُ الْمَعْرِفَةِ مِنَ النَّكِرَةِ. قَالَ عَلِيٌّ: هُوَ الْقُرْآنُ. وَقِيلَ الْإِسْلَامُ. وَرَوَاهُ النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ." الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ" ملكا وعبد اوخلقا." أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ" وَعِيدٌ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ. قَالَ سَهْلُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ: احْتَرَقَ مُصْحَفٌ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا قَوْلُهُ" أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ" وَغَرَقَ مُصْحَفٌ فَامَّحَى كُلُّهُ إِلَّا قَوْلُهُ" أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ". والحمد لله وحده.

[1] آية 48 سورة العنكبوت.
[2] آية 105 سورة البقرة.
[3] راجع ج 9 ص 285.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست