responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 55
مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. وَسَمَّاهُ رُوحًا لِأَنَّ فِيهِ حَيَاةً مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ. وَجَعَلَهُ مِنْ أَمْرِهِ بِمَعْنَى أَنْزَلَهُ كَمَا شَاءَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنَ النَّظْمِ الْمُعْجِزِ وَالتَّأْلِيفِ الْمُعْجِبِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يحمل قوله" وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ"»
[الاسراء: 85] عَلَى الْقُرْآنِ أَيْضًا" قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي" [الاسراء: 85] أي يسئلونك مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا الْقُرْآنُ، قُلْ إِنَّهُ من أمر الله أنزله عَلَيَّ مُعْجِزًا، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَكَانَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، مَاذَا زَرَعَ الْقُرْآنُ فِي قُلُوبِكُمْ؟ فَإِنَّ الْقُرْآنَ رَبِيعُ الْقُلُوبِ كَمَا أَنَّ الْغَيْثَ رَبِيعُ الْأَرْضِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ" أَيْ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ الطَّرِيقَ إِلَى الْإِيمَانِ. وَظَاهِرُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ قَبْلَ الْإِيحَاءِ مُتَّصِفًا بِالْإِيمَانِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَهُوَ مِنْ مُجَوَّزَاتِ [2] الْعُقُولِ، وَالَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الْمُعْظَمُ أَنَّ اللَّهَ مَا بَعَثَ نَبِيًّا إِلَّا كَانَ مُؤْمِنًا بِهِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ. وَفِيهِ تَحَكُّمٌ، إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ بِتَوْقِيفٍ مَقْطُوعٍ بِهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضٌ: وَأَمَّا عِصْمَتُهُمْ مِنْ هَذَا الْفَنِّ [3] قَبْلَ النُّبُوَّةِ فَلِلنَّاسِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَالتَّشَكُّكِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ تَعَاضَدَتِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ بِتَنْزِيهِهِمْ عَنْ هَذِهِ النَّقِيصَةِ مُنْذُ وُلِدُوا، وَنَشْأَتِهِمْ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ، بَلْ عَلَى إِشْرَاقِ أَنْوَارِ الْمَعَارِفِ وَنَفَحَاتِ أَلْطَافِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ طَالَعَ سِيَرَهُمْ مُنْذُ صِبَاهُمْ إِلَى مَبْعَثِهِمْ حَقَّقَ ذَلِكَ، كَمَا عُرِفَ مِنْ حَالِ مُوسَى وَعِيسَى وَيَحْيَى وَسُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى" وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا" [4] [مريم: 12] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أُعْطِيَ يَحْيَى الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللَّهِ فِي حَالِ صِبَاهُ. قَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ ابْنَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، فَقَالَ لَهُ الصِّبْيَانُ: لِمَ لَا تَلْعَبُ! فَقَالَ: أَلِلَّعِبِ خُلِقْتُ! وَقِيلَ فِي قوله" مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ" [5] [آل عمران: 39] صَدَّقَ يَحْيَى بِعِيسَى وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ، فَشَهِدَ لَهُ أَنَّهُ كَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحُهُ وَقِيلَ: صَدَّقَهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، فَكَانَتْ أُمُّ يَحْيَى تَقُولُ لِمَرْيَمَ إِنِّي أَجِدُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ تَحِيَّةً لَهُ. وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ عَلَى كَلَامِ عِيسَى لِأُمِّهِ عند ولادتها إياه بقوله" أَلَّا تَحْزَنِي" [6] [مريم: 24] على قراءة من قرأ"

(1). راجع ج 10 ص 323.
[2] في ل: معجزات وفي ن: تجوزات [ ..... ]
[3] كذا في الأصل
[4] راجع ج 11 ص 87 و94.
[5] راجع ج 4 ص 76.
[6] راجع ج 11 ص 87 و94.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست