responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 41
وإذا ظلمنا صبرنا وإذا سيئ إِلَيْنَا عَفَوْنَا، قَالُوا ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ." إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" أَيْ مَنْ بَدَأَ بِالظُّلْمِ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَقِيلَ: لَا يُحِبُّ مَنْ يَتَعَدَّى فِي الِاقْتِصَاصِ وَيُجَاوِزُ الْحَدَّ، قَالَهُ ابْنُ عِيسَى. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ" أَيِ الْمُسْلِمُ إِذَا انْتَصَرَ مِنَ الْكَافِرِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى لَوْمِهِ، بَلْ يُحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْكَافِرِ. وَلَا لَوْمَ إِنِ انْتَصَرَ الظَّالِمُ [1] مِنَ الْمُسْلِمِ، فَالِانْتِصَارُ مِنَ الْكَافِرِ حَتْمٌ، وَمِنَ الْمُسْلِمِ مباح، والعفو مندوب. الخامسة- في قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ. وَهَذَا يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا- أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا فِي بَدَنٍ يَسْتَحِقُّهُ آدَمِيٌّ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ إِنِ اسْتَوْفَاهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ وَثَبَتَ حَقُّهُ عِنْدَ الْحُكَّامِ، لَكِنْ يَزْجُرُهُ الْإِمَامُ فِي تَفَوُّتِهِ بِالْقِصَاصِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجُرْأَةِ عَلَى سَفْكِ الدَّمِ. وَإِنْ كَانَ حَقُّهُ غَيْرَ ثَابِتٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَرَجٌ، وَهُوَ فِي الظَّاهِرِ مُطَالَبٌ وَبِفِعْلِهِ مُؤَاخَذٌ [2] وَمُعَاقَبٌ. الْقِسْمُ الثَّانِي- أَنْ يَكُونَ حَدُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا حَقَّ لِآدَمِيٍّ فِيهِ كَحَدِّ الزِّنَى وَقَطْعِ السَّرِقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ أُخِذَ بِهِ وَعُوقِبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ حَاكِمٍ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ قَطْعًا فِي سَرِقَةٍ سَقَطَ بِهِ الْحَدُّ لِزَوَالِ الْعُضْوِ الْمُسْتَحَقِّ قَطْعُهُ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَقٌّ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ أَدَبٌ، وَإِنْ كَانَ جَلْدًا لَمْ يَسْقُطْ بِهِ الْحَدُّ لِتَعَدِّيهِ مَعَ بَقَاءِ مَحِلِّهِ فَكَانَ مَأْخُوذًا بِحُكْمِهِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ- أَنْ يَكُونَ حَقًّا فِي مَالٍ، فَيَجُوزُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُغَالِبَ عَلَى حَقِّهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ هُوَ عَالِمٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ نَظَرَ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاسْتِسْرَارُ بِأَخْذِهِ. وَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ بِالْمُطَالَبَةِ لِجُحُودِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ فَفِي جَوَازِ اسْتِسْرَارِهِ بِأَخْذِهِ مَذْهَبَانِ: أَحَدُهُمَا- جَوَازُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. الثَّانِي- الْمَنْعُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ" أَيْ بِعُدْوَانِهِمْ عَلَيْهِمْ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أي يظلمونهم بالشرك المخالف لدينهم.

[1] في ل: انتصر المظلوم وفي هـ انتصر ظالم من مسلم.
[2] في ز ل: مطالب بفعله مؤاخذ به.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست