responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 335
قَالَ:] إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ [. يُقَالُ: اغْتَابَهُ اغْتِيَابًا إِذَا وَقَعَ فِيهِ، وَالِاسْمُ الْغِيبَةُ، وَهِيَ ذِكْرُ الْعَيْبِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ [1]. قَالَ الْحَسَنُ: الْغِيبَةُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ كُلُّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: الْغِيبَةُ وَالْإِفْكُ وَالْبُهْتَانُ. فَأَمَّا الْغِيبَةُ فَهُوَ أَنْ تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا هُوَ فِيهِ. وَأَمَّا الْإِفْكُ فَأَنْ تَقُولَ فِيهِ مَا بَلَغَكَ عَنْهُ. وَأَمَّا الْبُهْتَانُ فَأَنْ تَقُولَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ. وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ- يَعْنِي ابْنَ قُرَّةَ-: لَوْ مَرَّ بِكَ رَجُلٌ أَقْطَعُ، فَقُلْتُ هَذَا أَقْطَعُ كَانَ غِيبَةً. قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِأَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ صدق. وروى أبو هريرة أن الأسلمي ما عزا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَى فَرَجَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَمِعَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: انْظُرْ إِلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ، فَسَكَتَ عَنْهُمَا. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلِهِ فَقَالَ:] أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ [؟ فَقَالَا: نَحْنُ ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:] انْزِلَا فَكُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ [فَقَالَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَمَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا! قَالَ:] فَمَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا أَشَدُّ مِنَ الْأَكْلِ مِنْهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ الْآنَ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْغَمِسُ فِيهَا [. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً" مَثَّلَ اللَّهُ الْغِيبَةَ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَعْلَمُ بِأَكْلِ لَحْمِهِ كَمَا أَنَّ الْحَيَّ لَا يَعْلَمُ بِغِيبَةِ مَنِ اغْتَابَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا ضَرَبَ اللَّهُ هَذَا الْمَثَلَ لِلْغِيبَةِ لِأَنَّ أَكْلَ لَحْمِ الْمَيِّتِ حَرَامٌ مُسْتَقْذَرٌ، وَكَذَا الْغِيبَةُ حَرَامٌ فِي الدِّينِ وَقَبِيحٌ فِي النُّفُوسِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَمَا يَمْتَنِعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتًا كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ غِيبَتِهِ حَيًّا. وَاسْتَعْمَلَ أَكْلَ اللَّحْمِ مَكَانَ الْغِيبَةِ لِأَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ بِذَلِكَ جَارِيَةٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنْ أَكَلُوا لَحْمِي وَفَرْتُ لُحُومَهُمْ ... وَإِنْ هَدَمُوا مجدي بنيت لهم مجدا «2»

[1] الظهر: ما غاب عنك.
(2). البيت للمقنع الكندي، واسمه محمد بن عميرة.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست