responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 302
عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ. إِلَّا [1] أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الزَّكَاةِ، لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةً مَالِيَّةً وَكَانَتْ مَطْلُوبَةً لِمَعْنًى مَفْهُومٍ، وَهُوَ سَدُّ خَلَّةِ الْفَقِيرِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْجَلَ مِنَ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ، وَلِمَا جَاءَ مِنْ جَمْعِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ حَتَّى تُعْطَى لِمُسْتَحِقِّيهَا يَوْمَ الْوُجُوبِ وَهُوَ يَوْمُ الْفِطْرِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ كُلُّهُ جَوَازَ تَقْدِيمِهَا الْعَامَ وَالِاثْنَيْنِ. فَإِنْ جَاءَ رَأْسُ الْعَامِ وَالنِّصَابُ بِحَالِهِ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا. وَإِنْ جَاءَ رَأْسُ الْعَامِ وَقَدْ تَغَيَّرَ النِّصَابُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْحَوْلِ لَحْظَةً كَالصَّلَاةِ، وَكَأَنَّهُ طَرَدَ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَاتِ فَرَأَى أَنَّهَا إِحْدَى دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ فَوَفَّاهَا حَقَّهَا فِي النِّظَامِ وَحُسْنِ التَّرْتِيبِ. وَرَأَى سَائِرُ عُلَمَائِنَا أَنَّ التَّقْدِيمَ الْيَسِيرَ فِيهَا جَائِزٌ، لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ. وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَصَحُّ، فَإِنَّ مُفَارَقَةَ الْيَسِيرِ الْكَثِيرَ فِي أُصُولِ الشَّرِيعَةِ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ لِمَعَانٍ تَخْتَصُّ بِالْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ. فَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَالْيَوْمُ فِيهِ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالسَّنَةِ. فَإِمَّا تَقْدِيمٌ كُلِّيٌّ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، وَإِمَّا حِفْظُ الْعِبَادَةِ عَلَى مِيقَاتِهَا كَمَا قَالَ أَشْهَبُ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ" أَصْلٌ فِي تَرْكِ التَّعَرُّضِ لِأَقْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِيجَابِ اتِّبَاعِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ:] مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ [. فَقَالَتْ عَائِشَةٌ لِحَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ [2] وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامِكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ [3]. مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ [. فَمَعْنَى قَوْلِهِ] صَوَاحِبُ يُوسُفَ [الْفِتْنَةُ بِالرَّدِّ عَنِ الْجَائِزِ إِلَى غير الجائز.

[1] في الأصول:" وذلك أن العلماء ... " والتصويب عن ابن العربي.
[2] سريع البكاء والحزن. وقيل: هو الرقيق.
[3] قال القسطلاني:" أي مثلهن في إظهار خلاف ما في الباطن، فإن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الامامة عن الصديق لكونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادة على ذلك، وهو ألا يتشاءم الناس به. وهذا مثل زليخا استدعت النسوة وأظهرت الإكرام بالضيافة وغرضها أن ينظرن إلى حسن يوسف ويعذرنها في محبته، فعبر بالجمع في قوله" انكن" والمراد عائشة فقط. وفي قوله" صواحب" والمراد زليخا كذلك.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست