responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 282
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنَ الطَّرِيقِ فَأَتَوْهُ بِكُلِّ سِلَاحٍ وَكُرَاعٍ كَانَ فِيهَا، وَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ خرج إليك فِي خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ:] هَذَا ابْنُ عَمِّكَ أَتَاكَ فِي خَمْسِمِائَةٍ [. فَقَالَ خَالِدٌ: أَنَا سَيْفُ اللَّهِ وَسَيْفُ رَسُولِهِ، فَيَوْمئِذٍ سُمِّيَ بِسَيْفِ اللَّهِ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ خَيْلٌ وَهَزَمَ الْكُفَّارَ وَدَفَعَهُمْ إِلَى حَوَائِطِ مَكَّةَ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ بِالْحِجَارَةِ، وَقِيلَ بِالنَّبْلِ وَالظُّفْرِ [1]. وَقِيلَ: أَرَادَ بِكَفِّ الْيَدِ أَنَّهُ شَرَطَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ فَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِمْ، فَخَرَجَ أَقْوَامٌ مِنْ مَكَّةَ مُسْلِمُونَ وَخَافُوا أَنْ يَرُدَّهُمُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فلحقوا بِالسَّاحِلِ، وَمِنْهُمْ أَبُو بَصِيرٍ، وَجَعَلُوا يُغِيرُونَ عَلَى الْكُفَّارِ وَيَأْخُذُونَ عِيرَهُمْ، حَتَّى جَاءَ كِبَارُ قُرَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: اضْمُمْهُمْ إِلَيْكَ حَتَّى نَأْمَنَ، فَفَعَلَ. وَقِيلَ: هَمَّتْ غَطَفَانُ وَأَسَدٌ مَنْعَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا حُلَفَاءَهُمْ فَمَنَعَهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَهُوَ كَفُّ الْيَدِ." بِبَطْنِ مَكَّةَ" فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا- يُرِيدُ بِهِ مَكَّةَ. الثَّانِي- الْحُدَيْبِيَةَ، لِأَنَّ بَعْضَهَا مُضَافٌ إِلَى الْحَرَمِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَفِي قَوْلِهِ" مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ" بِفَتْحِ مكة. تكون هَذِهِ نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ صُلْحًا، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ". قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، حَسْبَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ ثَمَانِينَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَأُخِذُوا أَخْذًا فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ" الْآيَةَ. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَأَمَّا فَتْحُ مَكَّةَ فَالَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ أَنَّهَا إِنَّمَا فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي" الْحَجِّ" [2] وَغَيْرِهَا." وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً".

[1] الظفر (بالضم): طرف القوس.
[2] راجع ج 12 ص 33
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست