responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 171
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَيْ وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا اللَّهُ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ مَا يُهْلِكُنَا إِلَّا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَهُوَ الَّذِي يُهْلِكُنَا وَيُمِيتُنَا وَيُحْيِينَا فَيَسُبُّونَ الدَّهْرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرَ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ". قُلْتُ: قَوْلُهُ" قَالَ اللَّهُ" إِلَى آخِرِهِ نَصُّ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُهُ. وَخَرَّجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَأَبُو دَاوُدَ. وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ). وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الدَّهْرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ. وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ اسْمًا إِنَّمَا خَرَجَ رَدًّا عَلَى الْعَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهَا، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدَّهْرَ هُوَ الْفَاعِلُ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَكَانُوا إِذَا أَصَابَهُمْ ضُرٌّ أَوْ ضَيْمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ نَسَبُوا ذَلِكَ إِلَى الدَّهْرِ فَقِيلَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ، أَيْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْفَاعِلُ لِهَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي تُضِيفُونَهَا إِلَى الدَّهْرِ فَيَرْجِعُ السَّبُّ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ. وَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ هذا ما ذكرناه مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ ... ) الْحَدِيثَ. وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ، وَهُوَ أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ:
يَا عَاتِبَ الدَّهْرِ إِذَا نَابَهُ ... لَا تَلُمِ الدَّهْرَ عَلَى غَدْرِهِ
الدَّهْرُ مَأْمُورٌ، لَهُ آمِرٌ ... وَيَنْتَهِي الدَّهْرُ إِلَى أَمْرِهِ
كَمْ كَافِرٍ أَمْوَالُهُ جَمَّةٌ ... تَزْدَادُ أَضْعَافًا عَلَى كُفْرِهِ
وَمُؤْمِنٌ لَيْسَ له درهم ... يزداد إِيمَانًا عَلَى فَقْرِهِ
وَرُوِيَ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَانَ كَثِيرًا مَا يَذْكُرُ الدَّهْرَ فَزَجَرَهُ أَبُوهُ وَقَالَ: إِيَّاكَ يَا بُنَيَّ وَذِكْرَ الدَّهْرِ! وَأَنْشَدَ:
فَمَا الدَّهْرُ بِالْجَانِي لِشَيْءٍ لِحِينِهِ ... وَلَا جَالِبَ الْبَلْوَى فَلَا تَشْتُمَ الدَّهْرَا
وَلَكِنْ مَتَى مَا يَبْعَثُ اللَّهُ بَاعِثًا ... عَلَى مَعْشَرٍ يَجْعَلُ مَيَاسِيرَهُمْ عُسْرَا

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست