responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 20
قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ قِيلَ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ. قَالَ قَتَادَةُ: أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَهُوَ فِيهَا حَيٌّ يُرْزَقُ، أَرَادَ قول تَعَالَى:" وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" [آل عمران: 169] عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي [آلِ عِمْرَانَ] بَيَانُهُ [1]. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" قالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ" مُرَتَّبٌ عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالِ سَائِلٍ عَمَّا وُجِدَ مِنْ قَوْلٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْفَوْزِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ" بِما غَفَرَ لِي رَبِّي" وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ" وقرى" من المكرمين" وفي معنى تمنيه قولان: أحد هما أَنَّهُ تَمَنَّى أَنْ يَعْلَمُوا بِحَالِهِ لِيَعْلَمُوا حُسْنَ مَآلِهِ وَحَمِيدَ عَاقِبَتِهِ. الثَّانِي تَمَنَّى ذَلِكَ لِيُؤْمِنُوا مِثْلَ إِيمَانِهِ فَيَصِيرُوا إِلَى مِثْلِ حَالِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَصَحَ قَوْمَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا. رَفَعَهُ الْقُشَيْرِيُّ فَقَالَ: وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ" إِنَّهُ نَصَحَ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ". وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: سُبَّاقُ الْأُمَمِ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَكْفُرُوا بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ، وَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَصَاحِبُ يس، فَهُمُ الصِّدِّيقُونَ. ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مَرْفُوعًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَظِيمٌ، وَدَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ كَظْمِ الْغَيْظِ، وَالْحِلْمِ عَنْ أَهْلِ الْجَهْلِ، وَالتَّرَؤُّفِ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي غِمَارِ الْأَشْرَارِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ، وَالتَّشَمُّرِ فِي تَخْلِيصِهِ، وَالتَّلَطُّفِ فِي افْتِدَائِهِ، وَالِاشْتِغَالِ بِذَلِكَ عَنِ الشَّمَاتَةِ بِهِ وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِ. أَلَا تَرَى كَيْفَ تَمَنَّى الْخَيْرَ لِقَتَلَتِهِ، وَالْبَاغِينَ لَهُ الْغَوَائِلَ وَهُمْ كَفَرَةٌ عَبَدَةُ أَصْنَامٍ، فَلَمَّا قُتِلَ حَبِيبٌ غَضِبَ اللَّهُ لَهُ وَعَجَّلَ النِّقْمَةَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَمَرَ جِبْرِيلَ فَصَاحَ بِهِمْ صَيْحَةً فَمَاتُوا عَنْ آخِرِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ" أَيْ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ من رسالة ولا نبي بعد قتله، قال قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ. قَالَ الْحَسَنُ: الْجُنْدُ الْمَلَائِكَةُ النَّازِلُونَ بِالْوَحْيِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ. وَقِيلَ: الْجُنْدُ الْعَسَاكِرُ، أَيْ لَمْ أَحْتَجْ فِي هَلَاكِهِمْ إِلَى إِرْسَالِ جُنُودٍ وَلَا جُيُوشٍ وَلَا عَسَاكِرَ بَلْ أُهْلِكُهُمْ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ. فَقَوْلُهُ:" وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ" تَصْغِيرٌ لِأَمْرِهِمْ، أَيْ أَهْلَكْنَاهُمْ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، أَوْ مِنْ بَعْدِ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ. وَقِيلَ:" وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ" عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ.

[1] راجع ج 4 ص 268 وما بعدها طبعه أولى أو ثانيه.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست