responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 75
[سورة الفرقان (25): الآيات 68 الى 69]
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (68) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (69)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) إِخْرَاجٌ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ صِفَاتِ الْكَفَرَةِ فِي عِبَادَتِهِمُ الْأَوْثَانَ، وَقَتْلِهِمُ النَّفْسَ بِوَأْدِ الْبَنَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الظُّلْمِ وَالِاغْتِيَالِ، وَالْغَارَاتِ، وَمِنَ الزِّنَى الَّذِي كَانَ عِنْدَهُمْ مُبَاحًا. وَقَالَ مَنْ صَرَفَ هَذِهِ الْآيَةَ عَنْ ظَاهِرِهَا مِنْ أَهْلِ الْمَعَانِي: لَا يَلِيقُ بِمَنْ أَضَافَهُمُ الرَّحْمَنُ إِلَيْهِ إِضَافَةَ الِاخْتِصَاصِ، وَذَكَرَهُمْ وَوَصَفَهُمْ مِنْ صِفَاتِ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّشْرِيفِ وُقُوعُ هَذِهِ الْأُمُورِ الْقَبِيحَةِ مِنْهُمْ حَتَّى يُمْدَحُوا بِنَفْيِهَا عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ أَعْلَى وَأَشْرَفُ، فَقَالَ: مَعْنَاهَا لَا يَدْعُونَ الْهَوَى إِلَهًا، وَلَا يُذِلُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْمَعَاصِي فَيَكُونُ قَتْلًا لَهَا. وَمَعْنَى" إِلَّا بِالْحَقِّ" أَيْ إِلَّا بِسِكِّينِ الصَّبْرِ وَسَيْفِ الْمُجَاهَدَةِ فَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى نِسَاءٍ لَيْسَتْ لَهُمْ بِمَحْرَمٍ بِشَهْوَةٍ فَيَكُونُ سِفَاحًا، بَلْ بِالضَّرُورَةِ فَيَكُونُ كَالنِّكَاحِ. قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا كَلَامٌ رَائِقٌ غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَ السَّبْرِ مَائِقٌ. وَهِيَ نَبْعَةٌ بَاطِنِيَّةٌ وَنَزْعَةٌ بَاطِلِيَّةٌ وَإِنَّمَا صَحَّ تَشْرِيفُ عِبَادِ اللَّهِ بِاخْتِصَاصِ الْإِضَافَةِ بَعْدَ أَنْ تَحَلَّوْا بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ وَتَخَلَّوْا عَنْ نَقَائِضَ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ، فَبَدَأَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْآيَاتِ بِصِفَاتِ التَّحَلِّي تَشْرِيفًا لَهُمْ، ثُمَّ أَعْقَبَهَا بِصِفَاتِ التَّخَلِّي تَبْعِيدًا لَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا ادَّعَاهُ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا مَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ:" أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ:" أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ معك" قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ:" أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقَهَا:" وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً". وَالْأَثَامُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْعِقَابُ، وَبِهِ قَرَأَ ابْنُ زَيْدٍ وَقَتَادَةُ هَذِهِ الْآيَةَ.

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست