responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 69
" وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ «[1]» ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالتَّوَاضُعِ. الْحَسَنُ: حُلَمَاءُ إِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجْهَلُوا. وَقِيلَ: لَا يَتَكَبَّرُونَ عَلَى النَّاسِ. قُلْتُ: وَهَذِهِ كُلُّهَا مَعَانٍ مُتَقَارِبَةٌ، وَيَجْمَعُهَا الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَالْخَوْفُ مِنْهُ، وَالْمَعْرِفَةُ بِأَحْكَامِهِ وَالْخَشْيَةِ مِنْ عَذَابِهِ وَعِقَابِهِ، جَعَلْنَا اللَّهُ مِنْهُمْ بِفَضْلِهِ وَمَنِّهِ. وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ إِلَى أَنَّ" هَوْناً" مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ:" يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ"، أَنَّ الْمَشْيَ هُوَ هَوْنٌ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُتَأَوَّلَ هَذَا عَلَى أَنْ تَكُونَ أَخْلَاقُ ذَلِكَ الْمَاشِي هَوْنًا مُنَاسِبَةً لِمَشْيِهِ، فَيَرْجِعُ الْقَوْلُ إِلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّاهُ. وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ صِفَةَ الْمَشْيِ وَحْدَهُ فَبَاطِلٌ، لِأَنَّهُ رُبَّ مَاشٍ هَوْنًا رُوَيْدًا وَهُوَ ذِئْبٌ أَطْلَسُ [2]. وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَكَفَّأُ في مشيه كأنما ينحبط [3] فِي صَبَبٍ. وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الصَّدْرُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:" مَنْ مَشَى مِنْكُمْ فِي طَمَعٍ فَلْيَمْشِ رُوَيْدًا" إِنَّمَا أَرَادَ فِي عَقْدِ نَفْسِهِ، وَلَمْ يُرِدِ الْمَشْيَ وَحْدَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُبْطِلِينَ الْمُتَحَلِّينَ بِالدِّينِ تَمَسَّكُوا بِصُورَةِ الْمَشْيِ فَقَطْ، حَتَّى قَالَ فيهم الشاعر ذما لهم:
كلهم يمشى رويد ... كلهم يطلب صيد «4»
قُلْتُ: وَفِي عَكْسِهِ أَنْشَدَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لِنَفْسِهِ:
تَوَاضَعْتُ فِي الْعَلْيَاءِ وَالْأَصْلُ كَابِرٌ ... وَحُزْتُ قِصَابَ السَّبْقِ بِالْهَوْنِ فِي الْأَمْرِ

سُكُونٌ فَلَا خُبْثَ السَّرِيرَةِ أَصْلُهُ ... وَجُلُّ سُكُونِ النَّاسِ مِنْ عِظَمِ الْكِبْرِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) قَالَ النَّحَّاسُ: لَيْسَ" سَلاماً" مِنَ التَّسْلِيمِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ التَّسَلُّمِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: سَلَامًا، أَيْ تَسَلُّمًا مِنْكَ، أَيْ بَرَاءَةً مِنْكَ. مَنْصُوبٌ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِ" قالُوا"، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، وَهَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالَّذِي أَقُولُهُ: أَنَّ" قالُوا" هُوَ الْعَامِلُ فِي" سَلاماً" لِأَنَّ الْمَعْنَى قَالُوا هَذَا اللَّفْظَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَى" سَلاماً" سدادا. أي يقول للجاهل كلاما

[1] راجع ج 14 ص 69 فما بعد.
[2] الأطلس من الذئاب: هو الذي تساقط شعره، وهو أخبث ما يكون. وقيل: هو الذي في لونه غبرة إلى السواد. [ ..... ]
[3] من هـ، وهو الرواية.
(4). هذا من كلام أبى جعفر المنصور الخليفة في مدح عمرو بن عبيد الزاهد المشهور. وتمامه:
غير عمرو بن عبيد
.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست