responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 53
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُطَوَّلَةٌ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، وَعُمْدَتُهُمُ التَّمَسُّكُ بِلَفْظِ الْمَاءِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي" الْمَائِدَةِ" [1] بَيَانُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ- لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً طَهُوراً" وَقَالَ:" لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ" تَوَقَّفَ جَمَاعَةٌ فِي مَاءِ الْبَحْرِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنَزَّلٍ مِنَ السَّمَاءِ، حَتَّى رَوَوْا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَمْرٍو مَعًا أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ، لِأَنَّهُ نَارٌ وَلِأَنَّهُ طَبَقُ جَهَنَّمَ. وَلَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ حُكْمَهُ حِينَ قَالَ لِمَنْ سَأَلَهُ:" هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" أَخْرَجَهُ مَالِكٌ. وَقَالَ فِيهِ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ، لَمْ يَرَوْا بَأْسًا بِمَاءِ الْبَحْرِ، وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوُضُوءَ بِمَاءِ الْبَحْرِ، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: هُوَ نَارٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ، وَقَدْ سُئِلَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي حَدِيثٌ صَحِيحٌ. قَالَ أَبُو عِيسَى فَقُلْتُ لِلْبُخَارِيِّ: هُشَيْمٌ يَقُولُ فِيهِ ابْنُ أَبِي بَرْزَةَ. فَقَالَ: وَهِمَ فِيهِ، إِنَّمَا هُوَ الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا أَدْرِي مَا هَذَا مِنَ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَأَخْرَجَهُ فِي مُصَنَّفِهِ الصَّحِيحِ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ لِأَنَّهُ لَا يُعَوِّلُ فِي الصَّحِيحِ إِلَّا عَلَى الْإِسْنَادِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَحْتَجُّ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِمِثْلِ إِسْنَادِهِ، وَهُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ لَهُ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَلَا يُخَالِفُ فِي جُمْلَتِهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ. وَقَدْ أَجْمَعَ جُمْهُورٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ مِنَ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ الْبَحْرَ طَهُورٌ مَاؤُهُ، وَأَنَّ الْوُضُوءَ بِهِ جَائِزٌ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ الله بن عمرو بن العاصي أَنَّهُمَا كَرِهَا الْوُضُوءَ بِمَاءِ الْبَحْرِ، وَلَمْ يُتَابِعْهُمَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا عَرَّجَ عَلَيْهِ، وَلَا الْتَفَتَ إِلَيْهِ لِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ. وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى اشْتِهَارِ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ، وَعَمَلِهِمْ بِهِ وَقَبُولِهِمْ لَهُ، وَهُوَ أَوْلَى عِنْدَهُمْ مِنَ الْإِسْنَادِ الظَّاهِرِ الصِّحَّةِ لِمَعْنًى تَرُدُّهُ الْأُصُولُ. وبالله التوفيق.

[1] راجع ج 6 ص 105 وما بعدها طبعه أولى أو ثانية.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست