responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 46
فِي الْأَمْرِ بِإِرَاقَةِ مَا وَلَغَ فِيهِ وَأَنَّ ذَلِكَ لِلنَّجَاسَةِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِإِرَاقَتِهِ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ لَا لِنَجَاسَتِهِ، لِأَنَّ التَّنَزُّهَ مِنَ الْأَقْذَارِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، أَوْ تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ نُهُوا عن اقتنائها كما قال ابن عمر والحسن، فلما لم ينتهوا ذَلِكَ غُلِّظَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَاءِ لِقِلَّتِهِ عِنْدَهُمْ فِي الْبَادِيَةِ، حَتَّى يَشْتَدَّ عَلَيْهِمْ فَيَمْتَنِعُوا مِنَ اقْتِنَائِهَا. وَأَمَّا الْأَمْرُ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ فَعِبَادَةٌ لَا لِنَجَاسَتِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ بِدَلِيلَيْنِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّ الْغَسْلَ قد دخله العدد. الثاني- أنه قد جُعِلَ لِلتُّرَابِ فِيهِ مَدْخَلٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:" وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ". وَلَوْ كَانَ لِلنَّجَاسَةِ لَمَا كَانَ لِلْعَدَدِ وَلَا لِلتُّرَابِ فِيهِ مَدْخَلٌ كَالْبَوْلِ. وَقَدْ جَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهِرَّ وَمَا وَلَغَ فِيهِ طَاهِرًا، وَالْهِرُّ سَبُعٌ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَفْتَرِسُ وَيَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، فَكَذَلِكَ الْكَلْبُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنَ السِّبَاعِ، لِأَنَّهُ إِذَا جَاءَ نَصُّ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا كَانَ نَصًّا فِي الْآخَرِ. وَهَذَا مِنْ أَقْوَى أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ. هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلِيلٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا النَّصَّ عَلَى طَهَارَتِهِ فَسَقَطَ قَوْلُ الْمُخَالِفِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. السَّابِعَةُ- مَا مَاتَ فِي الْمَاءِ مِمَّا لَا دَمَ لَهُ فَلَا يَضُرُّ الْمَاءَ إِنْ لَمْ يُغَيِّرْ رِيحَهُ، فَإِنْ أَنْتَنَ لَمْ يُتَوَضَّأْ بِهِ. وَكَذَلِكَ مَا كَانَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ كَالْحُوتِ وَالضُّفْدَعِ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ الْمَاءَ مَوْتُهُ فِيهِ، إِلَّا أَنْ تَتَغَيَّرَ رَائِحَتُهُ، فَإِنْ تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ وَأَنْتَنَ لَمْ يَجُزِ التَّطَهُّرُ بِهِ وَلَا الْوُضُوءُ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِنَجِسٍ عِنْدَ مَالِكٍ. وَأَمَّا مَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَمَاتَ فِي الْمَاءِ وَنُزِحَ مَكَانُهُ وَلَمْ يُغَيِّرْ لَوْنَهُ وَلَا طَعْمَهُ وَلَا رِيْحَهُ فَهُوَ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا عِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ. وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يُنْزَحْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ دِلَاءٌ لِتَطِيبَ النَّفْسُ بِهِ، وَلَا يَحُدُّونَ فِي ذَلِكَ حَدًّا لَا يُتَعَدَّى. وَيَكْرَهُونَ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ الْمَاءِ قَبْلَ نَزْحِ الدِّلَاءِ، فَإِنِ اسْتَعْمَلَهُ أَحَدٌ فِي غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ جَازَ إِذَا كَانَتْ حَالُهُ مَا وَصَفْنَا. وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَرَى لِمَنْ تَوَضَّأَ بِهَذَا الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَنْ يَتَيَمَّمَ، فَيَجْمَعَ بَيْنَ الطَّهَارَتَيْنِ احْتِيَاطًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى بِذَلِكَ الْمَاءِ أَجْزَأَهُ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ زِنْجِيًّا وَقَعَ فِي زَمْزَمَ- يَعْنِي فَمَاتَ- فَأَمَرَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأُخْرِجَ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنْزَحَ. قَالَ: فَغَلَبَتْهُمْ عَيْنٌ جَاءَتْهُمْ من

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست