responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 37
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ من رؤية العين، ومجوز أن تكون من العلم. وقال الحسن وَغَيْرُهُمَا: مَدَّ الظِّلَّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ غُيُوبَةِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سَاعَةٍ أَطْيَبُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ، فَإِنَّ فِيهَا يَجِدُ الْمَرِيضُ رَاحَةً وَالْمُسَافِرُ وَكُلُّ ذِي عِلَّةٍ: وَفِيهَا تُرَدُّ نُفُوسُ الْأَمْوَاتِ وَالْأَرْوَاحُ مِنْهُمْ إِلَى الْأَجْسَادِ، وَتَطِيبُ نُفُوسُ الْأَحْيَاءِ فِيهَا. وَهَذِهِ الصِّفَةُ مَفْقُودَةٌ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: نَهَارُ الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ إِلَى سَاعَةِ الْمُصَلِّينَ صَلَاةَ الْفَجْرِ. أَبُو عُبَيْدَةَ: الظِّلُّ بِالْغَدَاةِ وَالْفَيْءُ بِالْعَشِيِّ، لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، سُمِّيَ فَيْئًا لِأَنَّهُ فَاءَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى جَانِبِ الْمَغْرِبِ. قَالَ الشَّاعِرُ، وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ سَرْحَةً [1] وَكَنَّى بِهَا عَنِ امْرَأَةٍ: فَلَا الظِّلُّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَا تَسْتَطِيعُهُ وَلَا الْفَيْءُ مِنْ بَرْدِ الْعَشِيِّ تَذُوقُ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الظِّلُّ مَا نَسَخَتْهُ الشَّمْسُ وَالْفَيْءُ مَا نَسَخَ الشَّمْسَ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ رؤية قَالَ: كُلُّ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَزَالَتْ عنه فهو في وَظِلٌّ، وَمَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَهُوَ ظِلٌّ. (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) أَيْ دَائِمًا مُسْتَقِرًّا لَا تَنْسَخُهُ الشَّمْسُ. ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَوْ شَاءَ لَمَنَعَ الشَّمْسَ الطُّلُوعَ. (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) أي جعلنا الشمس بنسخها الظِّلُّ عِنْدَ مَجِيئِهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الظِّلَّ شي وَمَعْنًى، لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ تُعْرَفُ بِأَضْدَادِهَا وَلَوْلَا الشَّمْسُ مَا عُرِفَ الظِّلُّ، وَلَوْلَا النُّورُ مَا عُرِفَتِ الظُّلْمَةُ. فَالدَّلِيلُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ. وَقِيلَ: بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَالْقَتِيلِ وَالدَّهِينِ وَالْخَضِيبِ. أَيْ دَلَلْنَا الشَّمْسَ عَلَى الظِّلِّ حَتَّى ذَهَبَتْ بِهِ، أَيْ أَتْبَعْنَاهَا إِيَّاهُ. فَالشَّمْسُ دَلِيلٌ أَيْ حُجَّةٌ وَبُرْهَانٌ، وَهُوَ الَّذِي يَكْشِفُ الْمُشْكِلَ وَيُوَضِّحُهُ. وَلَمْ يُؤَنَّثِ الدَّلِيلُ وَهُوَ صِفَةُ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْمِ، كَمَا يُقَالُ: الشَّمْسُ بُرْهَانٌ وَالشَّمْسُ حَقٌّ. (ثُمَّ قَبَضْناهُ) يُرِيدُ ذَلِكَ الظِّلَّ الْمَمْدُودَ. (إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) أَيْ يَسِيرًا قَبْضُهُ عَلَيْنَا. وَكُلُّ أَمْرِ رَبِّنَا عَلَيْهِ يَسِيرٌ. فَالظِّلُّ مُكْثُهُ فِي هَذَا الجو بمقدار طلوع

[1] السرحة: واحدة السرح، وهو شجر كبار عظام لا ترعى وإنما يستظل فيه.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست