responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 300
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) هَذَا قَوْلُ مُشْرِكِي مَكَّةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَائِلُ ذَلِكَ مِنْ قُرَيْشٍ الْحَارِثُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَكَ حَقٌّ، وَلَكِنْ يَمْنَعُنَا أَنْ نَتَّبِعَ الْهُدَى مَعَكَ، وَنُؤْمِنَ بِكَ، مَخَافَةُ أَنْ يَتَخَطَّفَنَا الْعَرَبُ مِنْ أَرْضِنَا- يَعْنِي مَكَّةَ- لِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى خِلَافِنَا، وَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ. وَكَانَ هَذَا مِنْ تَعَلُّلَاتِهِمْ، فَأَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّا اعْتَلَّ بِهِ فَقَالَ: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً) أَيْ ذَا أَمْنٍ. وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُغِيرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَهْلُ مَكَّةَ آمِنُونَ حَيْثُ كَانُوا بِحُرْمَةِ الْحَرَمِ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ أَمَّنَهُمْ بِحُرْمَةِ الْبَيْتِ، وَمَنَعَ عَنْهُمْ عَدُوَّهُمْ، فَلَا يَخَافُونَ أَنْ تَسْتَحِلَّ الْعَرَبُ حُرْمَةً فِي قِتَالِهِمْ. وَالتَّخَطُّفُ الِانْتِزَاعُ بِسُرْعَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ يَقُولُ: كُنْتُمْ آمِنِينَ فِي حَرَمِي، تَأْكُلُونَ رِزْقِي، وَتَعْبُدُونَ غَيْرِي، أَفَتَخَافُونَ إِذَا عَبَدْتُمُونِي وَآمَنْتُمْ بِي. (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ يُجْمَعُ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ أَرْضٍ وَبَلَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. يُقَالُ: جَبَى الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعَهُ. وَالْجَابِيَةُ الْحَوْضُ الْعَظِيمُ. وَقَرَأَ نَافِعٌ:" تُجْبَى" بِالتَّاءِ، لِأَجْلِ الثَّمَرَاتِ. والياقوت بِالْيَاءِ، لِقَوْلِهِ:" كُلِّ شَيْءٍ" وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. قَالَ: لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَ الِاسْمِ الْمُؤَنَّثِ وَبَيْنَ فِعْلِهِ حَائِلٌ وَأَيْضًا فَإِنَّ الثَّمَرَاتِ جَمْعٌ، وَلَيْسَ بتأنيث حقيقي. (رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) أي من عندنا. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي لا يعقلون، أي هم غافلون عن الاستدلال، وأن من رزقهم وأمنهم فيما مضى حال كفرهم يرزقهم لو أسلموا، ويمنع الكفار عنهم في إسلامهم." رِزْقاً" نصب على المفعول من أجله. ويجوز نصبه على المصدر بالمعنى، لان معنى" تجبى" ترزق. وقرى" تجبني" بالنون من الجنا، وتعديته بإلى كَقَوْلِكَ يَجْنِي إِلَى فِيهِ وَيُجْنَى إِلَى الْخَافَّةِ [1]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) بَيَّنَ لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَوْ آمَنَ لَقَاتَلَتْهُ الْعَرَبُ أَنَّ الْخَوْفَ فِي تَرْكِ الْإِيمَانِ أَكْثَرُ، فَكَمْ مِنْ قَوْمٍ كَفَرُوا ثُمَّ حَلَّ بهم البوار، والبطر

[1] الخافة العيبة ومنه الحديث" المؤمن كمثل خافه الزرع".
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست