responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 171
قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَأَفْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى النَّمْلَةَ هَذَا لِتَكُونَ مُعْجِزَةً لِسُلَيْمَانَ. وَقَالَ وَهْبٌ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الرِّيحَ أَلَّا يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ إِلَّا طَرَحَتْهُ فِي سَمْعِ سُلَيْمَانَ، بِسَبَبِ أَنَّ الشَّيَاطِينَ أَرَادَتْ كَيْدَهُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا الْوَادِيَ كَانَ بِبِلَادِ الْيَمَنِ وَأَنَّهَا كَانَتْ نَمْلَةً صَغِيرَةً مِثْلَ النَّمْلِ الْمُعْتَادِ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ نَوْفٌ الشَّامِيُّ وَشَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ: كَانَ نَمْلُ ذَلِكَ الْوَادِي كَهَيْئَةِ الذِّئَابِ فِي الْعِظَمِ. وَقَالَ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ: كَهَيْئَةِ النِّعَاجِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ: فَإِنْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الْخِلْقَةِ فَلَهَا صَوْتٌ، وَإِنَّمَا افْتُقِدَ صَوْتُ النَّمْلِ لِصِغَرِ خَلْقِهَا، وَإِلَّا فَالْأَصْوَاتُ فِي الطُّيُورِ وَالْبَهَائِمِ كَائِنَةٌ، وَذَلِكَ مَنْطِقُهُمْ، وَفِي تِلْكَ الْمَنَاطِقِ مَعَانِي التَّسْبِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ «[1]» ". قُلْتُ: وَقَوْلُهُ" لَا يَحْطِمَنَّكُمْ" يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْكَلْبِيِّ، إِذْ لَوْ كَانَتْ كَهَيْئَةِ الذِّئَابِ والنعاج لما حطمت بالوطي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ:" ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ" فَجَاءَ عَلَى خِطَابِ الْآدَمِيِّينَ لِأَنَّ النَّمْلَ هَاهُنَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْآدَمِيِّينَ حِينَ نَطَقَ كَمَا يَنْطِقُ الْآدَمِيُّونَ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ: وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ لَهَا لِمَ حَذَّرْتِ النَّمْلَ؟ أَخِفْتِ ظُلْمِي؟ أَمَا عَلِمْتِ أَنِّي نَبِيٌّ عَدْلٌ؟ فَلِمَ قُلْتِ:" يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ" فَقَالَتِ النَّمْلَةُ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلِي" وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" مَعَ أَنِّي لَمْ أُرِدْ حَطْمَ النُّفُوسِ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ حَطْمَ الْقُلُوبِ خَشْيَةَ أَنْ يَتَمَنَّيْنَ مِثْلَ مَا أُعْطِيْتَ، أَوْ يُفْتَتَنَّ بِالدُّنْيَا، وَيُشْغَلْنَ بِالنَّظَرِ إِلَى مُلْكِكَ عَنِ التَّسْبِيحِ وَالذِّكْرِ. فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ: عِظِينِي. فَقَالَتِ النَّمْلَةَ: أَمَا عَلِمْتَ لِمَ سُمِّيَ أَبُوكَ دَاوُدُ؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: لِأَنَّهُ دَاوَى جِرَاحَةَ فُؤَادِهِ، هَلْ عَلِمْتَ لِمَ سُمِّيتَ سُلَيْمَانَ؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: لِأَنَّكَ سَلِيمُ النَّاحِيَةِ عَلَى مَا أُوتِيتَهُ بِسَلَامَةِ صَدْرِكَ، وَإِنَّ لَكَ أَنْ تَلْحَقَ بِأَبِيكَ [2]. ثُمَّ قَالَتْ: أَتَدْرِي لِمَ سَخَّرَ اللَّهُ لَكَ الرِّيحَ؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: أَخْبَرَكَ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا رِيحٌ. (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها) مُتَعَجِّبًا ثُمَّ مَضَتْ مُسْرِعَةً إِلَى قَوْمِهَا، فقالت: هل عندكم من شي نهديه إلى

[1] راجع ج 10 ص 266 فما بعد.
[2] العبارة في" قصص الأنبياء" للثعلبي:" قالت لأنك سليم ركنت إلى ما أوتيت بسلامة صدرك، وحق لك أن تلحق بأبيك داود".
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست