responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 114
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ) دُعَاءٌ بِالْجَنَّةِ وَبِمَنْ يَرِثُهَا، وَهُوَ يَرُدُّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ: لَا أَسْأَلُ جَنَّةً وَلَا نَارًا. قَوْلُهُ تعالى: (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) كَانَ أَبُوهُ وَعَدَهُ فِي الظَّاهِرِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ لِهَذَا، فَلَمَّا بَانَ أَنَّهُ لَا يَفِي بِمَا قَالَ تَبَرَّأَ مِنْهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى." إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ" أَيِ الْمُشْرِكِينَ. وَ" كانَ" زَائِدَةٌ. (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) أَيْ لَا تَفْضَحْنِي عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، أَوْ لَا تُعَذِّبْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ إِبْرَاهِيمَ يَرَى أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ الْغَبَرَةُ وَالْقَتَرَةُ" وَالْغَبَرَةُ هِيَ الْقَتَرَةُ. وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ فَيَقُولُ يا رب إنك وعدتني إلا تخزيني يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ" انْفَرَدَ بِهِمَا الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) " يَوْمَ" بَدَلٌ مِنْ" يَوْمَ" الْأَوَّلِ. أَيْ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ أَحَدًا. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:" وَلا بَنُونَ" الْأَعْوَانُ، لِأَنَّ الِابْنَ إِذَا لَمْ يَنْفَعْ فَغَيْرُهُ مَتَى يَنْفَعُ؟ وَقِيلَ: ذَكَرَ الْبَنِينَ لِأَنَّهُ جَرَى ذِكْرُ وَالِدِ إِبْرَاهِيمَ، أَيْ لَمْ يَنْفَعْهُ إِبْرَاهِيمُ." إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْكَافِرِينَ، أَيْ لَا يَنْفَعُهُ مَالُهُ وَلَا بَنُوهُ. وَقِيلَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، أَيْ لَكِنْ" مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" يَنْفَعُهُ لِسَلَامَةِ قَلْبِهِ. وَخَصَّ الْقَلْبَ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُ الَّذِي إِذَا سَلِمَ سَلِمَتِ الْجَوَارِحُ، وَإِذَا فَسَدَ فَسَدَتْ سَائِرُ الْجَوَارِحِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ" الْبَقَرَةِ" [1]. وَاخْتُلِفَ فِي الْقَلْبِ السَّلِيمِ فَقِيلَ: مِنَ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ، فَأَمَّا الذُّنُوبُ فَلَيْسَ يَسْلَمُ مِنْهَا أَحَدٌ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: الْقَلْبُ السَّلِيمُ الصَّحِيحُ هُوَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ، لِأَنَّ قَلْبَ الْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ مَرِيضٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ" وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ السَّيَّارِيُّ: هُوَ الْقَلْبُ الْخَالِي عَنِ الْبِدْعَةِ الْمُطْمَئِنُّ إِلَى السُّنَّةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: سَلِيمٌ مِنْ آفَةِ الْمَالِ وَالْبَنِينَ. وَقَالَ الْجُنَيْدُ: السَّلِيمُ فِي اللُّغَةِ اللَّدِيغُ، فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَلْبٌ كَاللَّدِيغِ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: السَّلِيمُ الْخَالِصُ.

[1] راجع ج 1 ص 187 وما بعدها طبعه ثانية أو ثالثة.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 13  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست