responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 178
الثَّالِثَةُ- فَأَمَّا مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا، فَالْجُمْهُورُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا إِلَّا دَاوُدَ. وَوَافَقَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَشْعَرِيُّ الشَّافِعِيُّ، حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَصَّارِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَعَمِّدِ وَالنَّاسِي وَالنَّائِمِ، حَطُّ الْمَأْثَمِ، فَالْمُتَعَمِّدُ مَأْثُومٌ وَجَمِيعُهُمْ قَاضُونَ. وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَقِيمُوا الصَّلاةَ" [1] [الانعام: 72] وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِهَا أو بعدها. هو أَمْرٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِقَضَاءِ النَّائِمِ وَالنَّاسِي، مَعَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَأْثُومَيْنِ، فَالْعَامِدُ أَوْلَى. وَأَيْضًا قَوْلُهُ: (مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا) وَالنِّسْيَانُ التَّرْكُ، قَالَ اللَّهُ تعالى:" نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ" [2] [التوبة: 67] و" نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ" [3] [الحشر: 19] سَوَاءٌ كَانَ مَعَ ذُهُولٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَنْسَى. وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ تَرَكَهُمْ. وَ" مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها 10" [4] [البقرة: 106] أَيْ نَتْرُكْهَا. وَكَذَلِكَ الذِّكْرُ يَكُونُ بَعْدَ نِسْيَانٍ وَبَعْدَ غَيْرِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي" وَهُوَ تَعَالَى لا ينسى [فيكون ذكره بعد نسيان [5]] وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ عَلِمْتُ. فَكَذَلِكَ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: (إِذَا ذَكَرَهَا) أَيْ عَلِمَهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ الدُّيُونَ التي للآدمين إِذَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِوَقْتٍ، ثُمَّ جَاءَ الْوَقْتُ لَمْ يَسْقُطْ قَضَاؤُهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا، وَهِيَ مِمَّا يُسْقِطُهَا الْإِبْرَاءُ كَانَ فِي دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى أَلَا يَصِحُّ فِيهَا الْإِبْرَاءُ أَوْلَى أَلَّا يَسْقُطَ قَضَاؤُهَا إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ. وَأَيْضًا فَقَدِ اتَّفَقْنَا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ لَوَجَبَ قَضَاؤُهُ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ. فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا لَا يَقْضِي أَبَدًا. فَالْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَا مَضَى لَا يَعُودُ، أَوْ يَكُونُ كَلَامًا خَرَجَ عَلَى التَّغْلِيظِ، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ: أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ عَامِدًا لَمْ يُكَفِّرْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ. وَمَعَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْفِيَةِ التكليف حقه بإقامة القضاء مقام الأداء، وإتباعه بِالتَّوْبَةِ، وَيَفْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو الْمُطَوَّسِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ) وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ لَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ التَّغْلِيظَ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَدْ جَاءَتِ الْكَفَّارَةُ بِأَحَادِيثَ [6] صِحَاحٍ، وَفِي بَعْضِهَا قَضَاءُ الْيَوْمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا) الْحَدِيثُ يُخَصِّصُ عُمُومَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عن النائم حتى يستيقظ)

[1] راجع ج 1 ص 344 فما بعد.
[2] راجع ج 8 ص 199 فما بعد. [ ..... ]
[3] راجع ج 18 ص 43.
[4] راجع ج 2 ص 61.
[5] من ج وك وط وى.
[6] في ب وز وك: بأسانيد.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست