responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 51
يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، وَكَأَنَّهُ أَثْبَتُ وَأَصَحُّ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الْمُرْسَلَ حُجَّةً، وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ الْوَجْهُ مَا ذَكَرْنَا. وَلَسْنَا نَقُولُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُنْتَحِلِينَ لِمَذْهَبِ الْمَدَنِيِّينَ: أَنَّ الْمَقْبَرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ أُرِيدَ بِهَا مَقْبَرَةَ الْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً، فَإِنَّهُ قَالَ: الْمَقْبَرَةُ وَالْحَمَّامُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُرَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَقْبَرَةٍ دُونَ مَقْبَرَةٍ أَوْ حَمَّامٍ دُونَ حَمَّامٍ بِغَيْرِ تَوْقِيفٍ عَلَيْهِ، فَهُوَ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا خَبَرٍ صَحِيحٍ، وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْقِيَاسِ وَلَا فِي الْمَعْقُولِ، وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ فَحْوَى الْخِطَابِ وَلَا خَرَجَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ. وَلَا يَخْلُو تَخْصِيصُ مَنْ خَصَّ مَقْبَرَةَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْلِ اخْتِلَافِ الْكُفَّارِ إِلَيْهَا بِأَقْدَامِهِمْ فَلَا مَعْنَى لِخُصُوصِ الْمَقْبَرَةِ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ هُمْ فِيهِ بِأَجْسَامِهِمْ وَأَقْدَامِهِمْ فَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدْ جَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ. أَوْ يَكُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا بُقْعَةُ سُخْطٍ، فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبْنِيَ مَسْجِدَهُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ وَيَنْبِشَهَا وَيُسَوِّيَهَا وَيَبْنِي عَلَيْهَا، وَلَوْ جَازَ لِقَائِلٍ أَنْ يَخُصَّ مِنَ الْمَقَامِ مَقْبَرَةً لِلصَّلَاةِ فِيهَا لَكَانَتْ مَقْبَرَةُ الْمُشْرِكِينَ أَوْلَى بِالْخُصُوصِ وَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَكُلُّ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ لَمْ يَخُصَّ مَقْبَرَةً مِنْ مَقْبَرَةٍ، لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ إِشَارَةٌ إِلَى الْجِنْسِ لَا إِلَى مَعْهُودٍ، وَلَوْ كَانَ بين مقبرة المسلمين والمشركين فرق لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُهْمِلْهُ، لِأَنَّهُ بُعِثَ مُبَيِّنًا. وَلَوْ سَاغَ لِجَاهِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَقْبَرَةُ كَذَا لَجَازَ لِآخَرَ أَنْ يَقُولَ: حَمَّامُ كَذَا، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَقْبَرَةُ وَالْحَمَّامُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الْمَزْبَلَةُ وَالْمَجْزَرَةُ، غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ: مَزْبَلَةٌ كَذَا وَلَا مَجْزَرَةٌ كَذَا وَلَا طَرِيقٌ كَذَا، لِأَنَّ التَّحَكُّمَ فِي دِينِ اللَّهِ غَيْرُ جَائِزٍ. وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَيِّبًا طَاهِرًا نَظِيفًا جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي
كَنِيسَةٍ أَوْ بِيعَةٍ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ، أَنَّ صَلَاتَهُ مَاضِيَةٌ جَائِزَةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي سُورَةِ" بَرَاءَةٌ" [1]. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَنِيسَةَ أَقْرَبُ إِلَى أَنْ تَكُونَ بُقْعَةَ سُخْطٍ مِنَ المقبرة،

[1] راجع ج 8 ص 255.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست