responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 47
قُلْتُ: وَهَكَذَا حُكْمُ الْمَاءِ النَّجِسِ وَمَا يُعْجَنُ بِهِ. وَثَانِيهَا: قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ مَا لَا يجوز استعماله من الطعام والشراب يجوز أتعلفه الْإِبِلُ وَالْبَهَائِمُ، إِذْ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ، فِي الْعَسَلِ النَّجِسِ: إِنَّهُ يُعْلَفَهُ النَّحْلُ. وَثَالِثُهَا- أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلْفِ مَا عُجِنَ بِهَذَا الْمَاءِ الْإِبِلَ، ولم يأمر بطرحه كما أمر لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَحْمَ الْحُمُرِ أَشَدُّ. فِي التَّحْرِيمِ وَأَغْلَظُ فِي التَّنْجِيسِ. وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَسْبِ الْحَجَّامِ أَنْ يُعْلَفَ النَّاضِحَ [1] وَالرَّقِيقَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِتَحْرِيمِ وَلَا تَنْجِيسٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ، لِأَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ فِيهِ كَمَا تُعُبِّدَ فِي نَفْسِهِ. وَرَابِعُهَا- فِي أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلَفِ الْإِبِلِ الْعَجِينَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ حَمْلِ الرَّجُلِ النَّجَاسَةَ إِلَى كِلَابِهِ لِيَأْكُلُوهَا، خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَ: تُطْلَقُ الْكِلَابُ عَلَيْهَا وَلَا يَحْمِلَهَا إِلَيْهِمْ. وَخَامِسُهَا- أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ دَلِيلٌ عَلَى التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَإِنْ تَقَادَمَتْ أَعْصَارُهُمْ وَخَفِيَتْ آثَارُهُمْ، كَمَا أَنَّ فِي الْأَوَّلِ دَلِيلًا على بعض أَهْلِ الْفَسَادِ وَذَمِّ دِيَارِهِمْ وَآثَارِهِمْ. هَذَا، وَإِنْ كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْجَمَادَاتِ غَيْرُ مُؤَاخَذَاتٍ، لَكِنَّ الْمَقْرُونَ بِالْمَحْبُوبِ مَحْبُوبٌ، وَالْمَقْرُونَ بِالْمَكْرُوهِ الْمَبْغُوضِ مَبْغُوضٌ، كما كُثَيِّرٌ:
أُحِبُّ لِحُبِّهَا السُّودَانَ حَتَّى ... أُحِبُّ لِحُبِّهَا سُودَ الْكِلَابِ
وَكَمَا قَالَ آخَرُ:
أَمُرُّ عَلَى الدِّيَارِ دِيَارِ لَيْلَى ... أُقَبِّلُ ذَا الْجِدَارَ وَذَا الْجِدَارَا
وَمَا تِلْكَ [2] الدِّيَارُ شَغَفْنَ قَلْبِي ... وَلَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَا
وَسَادِسُهَا- مَنَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الصَّلَاةَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ وَقَالَ: لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا لِأَنَّهَا دَارُ سُخْطٍ وَبُقْعَةُ غَضَبٍ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فَصَارَتْ هَذِهِ الْبُقْعَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا" فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِهَا وَلَا الْوُضُوءُ مِنْ مَائِهَا وَلَا الصَّلَاةُ

[1] الناضج: البعير يستقى عليه.
[2] الرواية المشهورة:" وما حب الديار". والبيتان لمجنون ليلى. (راجع خزانة الأدب في الشاهد التسعين بعد المائتين).
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست