responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 345
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) هَذِهِ الْآيَةُ رَادَّةٌ عَلَى الْيَهُودِ والنصارى والعرب في قولهم أفذاذا: عزيز وَعِيسَى وَالْمَلَائِكَةُ ذُرِّيَّةُ [1] اللَّهِ سُبْحَانَهُ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ أَقْوَالِهِمْ! (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) لِأَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ وَلَا فِي عِبَادَتِهِ. (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ) قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَعْنَى لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا وَلَا ابْتَغَى نَصْرَ أَحَدٍ، أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاصِرٌ يُجِيرُهُ مِنَ الذُّلِّ فَيَكُونُ مُدَافِعًا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لِأَنَّهُمْ أَذَلُّ النَّاسِ، رَدًّا لِقَوْلِهِمْ: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ:" وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ" يَعْنِي لَمْ يَذِلَّ فَيَحْتَاجُ إِلَى وَلِيٍّ وَلَا نَاصِرٍ لِعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ. (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) أَيْ عَظِّمْهُ عَظَمَةً تَامَّةً. وَيُقَالُ: أَبْلَغُ لَفْظَةٍ لِلْعَرَبِ فِي مَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أي صفة بأنه أكبر من كل شي. قال الشاعر:
رأيت الله أكبر كل شي ... مُحَاوَلَةً وَأَكْثَرَهُمْ جُنُودًا
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ:" اللَّهُ أَكْبَرُ" وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ [2] الْكِتَابِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قَوْلُ، الْعَبْدِ اللَّهُ أَكْبَرُ خير من الدنيا وما فيها. وهذا الْآيَةُ هِيَ خَاتِمَةُ التَّوْرَاةِ. رَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: افْتُتِحَتِ التَّوْرَاةُ بِفَاتِحَةِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَخُتِمَتْ بِخَاتِمَةِ هَذِهِ السُّورَةِ. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهَا آيَةُ الْعِزِّ، رَوَاهُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْصَحَ الْغُلَامُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَّمَهُ" وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي" الْآيَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ. بْنُ وَاصِلٍ: سَمِعْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ قَرَأَ" وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ" الْآيَةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ الْأَرْضِ وَالْجَبَلِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِيمَنْ زَعَمَ أن له ولدا تكاد السموات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا". وَجَاءَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلٌ شَكَا إِلَيْهِ الدَّيْنَ بِأَنْ يَقْرَأَ" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ"- إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ثُمَّ يَقُولُ- تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. تَمَّتْ سُورَةُ الْإِسْرَاءِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ والسلام على من لا نبى بعده.

[1] في ج: تنزيه الله.
[2] راجع ج 1 ص 175.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست