responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 311
الْقَوْلُ الثَّانِي- أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ إِعْطَاؤُهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قُلْتُ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا تَنَافُرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِيَدِهِ لِوَاءُ الْحَمْدِ وَيَشْفَعُ. رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي" الْحَدِيثَ. الْقَوْلُ الثَّالِثُ- مَا حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ فِرْقَةٍ، مِنْهَا مُجَاهِدٌ، أَنَّهَا قَالَتْ: الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ أَنْ يُجْلِسَ الله تعالى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَرَوَتْ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا. وَعَضَّدَ الطَّبَرِيُّ جَوَازَ ذَلِكَ بِشَطَطٍ مِنَ الْقَوْلِ، وَهُوَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا عَلَى تَلَطُّفٍ فِي الْمَعْنَى، وَفِيهِ بُعْدٌ. وَلَا يُنْكَرُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُرْوَى، وَالْعِلْمُ يَتَأَوَّلُهُ. وَذَكَرَ النَّقَّاشُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ عِنْدَنَا مُتَّهَمٌ، مَا زَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَتَحَدَّثُونَ بِهَذَا، مَنْ أَنْكَرَ جَوَازَهُ عَلَى تَأْوِيلِهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمُجَاهِدٌ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ فَإِنَّ لَهُ قَوْلَيْنِ مَهْجُورَيْنِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «[1]» " قال: تنتظر الثواب، ليس من النظر. قلت. ذكر هذا في باب ابْنُ شِهَابٍ فِي حَدِيثِ التَّنْزِيلِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ. وَهَذَا تَأْوِيلٌ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَبْلَ خَلْقِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا وَالْعَرْشَ قَائِمًا بِذَاتِهِ، ثُمَّ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَيْهَا، بَلْ إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَلِيُعْرَفَ وُجُودُهُ وَتَوْحِيدُهُ وَكَمَالُ قُدْرَتِهِ وَعِلْمُهُ بِكُلِّ أَفْعَالِهِ الْمُحْكَمَةِ، وَخَلَقَ لِنَفْسِهِ عَرْشًا اسْتَوَى عَلَيْهِ كَمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ صَارَ لَهُ مُمَاسًّا، أَوْ كَانَ الْعَرْشُ لَهُ مَكَانًا. قِيلَ: هُوَ الْآنَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَ الْمَكَانَ وَالزَّمَانَ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ سَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ أَقَعَدَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَرْشِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ، لِأَنَّ اسْتِوَاءَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ لَيْسَ بِمَعْنَى الِانْتِقَالِ وَالزَّوَالِ وَتَحْوِيلِ الْأَحْوَالِ مِنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالْحَالِ الَّتِي تَشْغَلُ الْعَرْشَ، بَلْ هُوَ
مُسْتَوٍ عَلَى عرشه

[1] راجع ج 19 ص 105.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست