responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 283
عَلَى مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ فَقِيلَ: إِنَّمَا هِيَ الدُّنْيَا أُعْطُوهَا، فَسُرِّيَ عَنْهُ، وَمَا كَانَ لَهُ بِمَكَّةَ مِنْبَرٌ وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرَى بِمَكَّةَ رُؤْيَا الْمِنْبَرِ بِالْمَدِينَةِ. وَهَذَا التَّأْوِيلُ الثَّالِثُ قَالَهُ أَيْضًا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ سَهْلٌ إِنَّمَا هَذِهِ الرُّؤْيَا هِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرَى بَنِي أُمَيَّةَ يَنْزُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ، فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ، وَمَا اسْتَجْمَعَ ضَاحِكًا مِنْ يَوْمئِذٍ حَتَّى مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ مُخْبِرَةً أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَلُّكِهِمْ وَصُعُودِهِمْ يَجْعَلُهَا اللَّهُ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَامْتِحَانًا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي خُطْبَتِهِ فِي شَأْنِ بَيْعَتِهِ لِمُعَاوِيَةَ:" وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ «[1]» ". قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ نَظَرٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا عُثْمَانُ وَلَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَا مُعَاوِيَةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، أَيْ مَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ. وَفِتْنَتُهَا أَنَّهُمْ لَمَّا خُوِّفُوا بِهَا قَالَ أَبُو جَهْلٍ اسْتِهْزَاءً: هَذَا مُحَمَّدٌ يَتَوَعَّدُكُمْ بِنَارٍ تُحْرِقُ الْحِجَارَةَ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهَا تُنْبِتُ الشَّجَرَ وَالنَّارُ تَأْكُلُ الشَّجَرَ، وَمَا نَعْرِفُ الزَّقُّومَ إِلَّا التَّمْرَ وَالزُّبْدَ، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو جَهْلٍ جَارِيَةً فَأَحْضَرَتْ تَمْرًا وَزُبْدًا وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: تَزَقَّمُوا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْقَائِلَ مَا نَعْلَمُ الزَّقُّومَ إِلَّا التَّمْرَ وَالزُّبْدَ ابْنُ الزِّبَعْرَى حَيْثُ قَالَ: كَثَّرَ اللَّهُ مِنَ الزَّقُّومِ فِي دَارِكُمْ، فَإِنَّهُ التَّمْرُ بِالزُّبْدِ بِلُغَةِ الْيَمَنِ. وَجَائِزٌ أَنْ يَقُولَ كِلَاهُمَا ذَلِكَ. فَافْتُتِنَ أَيْضًا لِهَذِهِ الْمَقَالَةِ بَعْضُ الضُّعَفَاءِ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ الْإِسْرَاءَ وَذِكْرَ شَجَرَةِ الزَّقُّومِ فِتْنَةً وَاخْتِبَارًا لِيَكْفُرَ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ وَيُصَدِّقَ مَنْ سَبَقَ لَهُ الْإِيمَانُ. كَمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ: إِنَّ صَاحِبَكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ جَاءَ الْبَارِحَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ فَلَقَدْ صَدَقَ. فَقِيلَ لَهُ: أَتُصَدِّقُهُ قَبْلَ أَنْ تسمع منه؟ فقال: أبن عُقُولُكُمْ؟ أَنَا أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ، فَكَيْفَ لَا أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالسَّمَاءُ أَبْعَدُ مِنْهَا بكثير.

[1] راجع ج 11 ص 350.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست