responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 136
الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) الضَّمِيرُ لِلْعَسَلِ، قَالَ الْجُمْهُورُ. أَيْ فِي الْعَسَلِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ وَالْفَرَّاءِ وَابْنِ كَيْسَانَ: الضَّمِيرُ لِلْقُرْآنِ، أَيْ فِي الْقُرْآنِ شِفَاءٌ. النَّحَّاسُ: وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ، أَوْ فِيمَا قَصَصْنَا عَلَيْكُمْ مِنَ الْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ. وَقِيلَ: الْعَسَلُ فِيهِ شِفَاءٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ بَيِّنٌ أَيْضًا، لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَشْرِبَةِ وَالْمَعْجُونَاتِ الَّتِي يُتَعَالَجُ بِهَا أَصْلُهَا مِنَ الْعَسَلِ. قَالَ القاضي أبو بكر ابن الْعَرَبِيِّ: مَنْ قَالَ إِنَّهُ الْقُرْآنُ بَعِيدٌ مَا أَرَاهُ يَصِحُّ عَنْهُمْ، وَلَوْ صَحَّ نَقْلًا لَمْ يَصِحَّ عَقْلًا، فَإِنَّ مَسَاقَ الْكَلَامِ كُلُّهُ لِلْعَسَلِ، لَيْسَ لِلْقُرْآنِ فِيهِ ذِكْرٌ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهَالَةِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ يُرَادُ بِهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَبَنُو هَاشِمٍ، وَأَنَّهُمُ النَّحْلُ، وَأَنَّ الشَّرَابَ الْقُرْآنُ وَالْحِكْمَةُ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا بَعْضُهُمْ فِي مَجْلِسِ الْمَنْصُورِ أَبِي جَعْفَرٍ الْعَبَّاسِيِّ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِمَّنْ حَضَرَ: جَعَلَ اللَّهُ طَعَامَكَ وَشَرَابَكَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَضْحَكَ الْحَاضِرِينَ وَبُهِتَ الْآخَرُ وَظَهَرَتْ سَخَافَةُ قَوْلِهِ. الرَّابِعَةُ- اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ هَلْ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ أَمْ لَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ حَالٍ وَلِكُلِّ أَحَدٍ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْكُو قُرْحَةً وَلَا شَيْئًا إِلَّا جَعَلَ عَلَيْهِ عَسَلًا، حَتَّى الدُّمَّلَ إِذَا خَرَجَ عَلَيْهِ طَلَى عَلَيْهِ عَسَلًا. وَحَكَى النَّقَّاشُ عَنْ أَبِي وَجْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْعَسَلِ وَيَسْتَمْشِي بِالْعَسَلِ وَيَتَدَاوَى بِالْعَسَلِ. وَرُوِيَ أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ مَرِضَ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا نُعَالِجُكَ؟ فَقَالَ: ائْتُونِي بِالْمَاءِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:" وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً [1] مُبارَكاً" ثُمَّ قَالَ: ائْتُونِي بِعَسَلٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:" فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ" وَائْتُونِي بِزَيْتٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:" مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ «[2]» " فَجَاءُوهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ فَخَلَطَهُ جَمِيعًا ثُمَّ شَرِبَهُ فَبَرِئَ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَلَى الْعُمُومِ إِذَا خُلِطَ بِالْخَلِّ وَيُطْبَخُ فَيَأْتِي شَرَابًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنْ كُلِّ دَاءٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الْخُصُوصِ وَلَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي كُلِّ عِلَّةٍ وَفِي كُلِّ إِنْسَانٍ، بَلْ إِنَّهُ خَبَرٌ عَنْ أَنَّهُ يَشْفِي كَمَا يَشْفِي غَيْرُهُ مِنَ

[1] راجع ج 17 ص 6. والظاهر أن المراد بالمبارك ماء المطر فإنه في غاية النقاء فهو شفاء من الأمراض مطهر من الجراثيم. محققة.
[2] راجع ج 12 ص 262.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست