responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 238
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَزَاءَ الْكَافِرِينَ ذَكَرَ جَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ أَيْضًا. وَالتَّبْشِيرُ الْإِخْبَارُ بِمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْبَشَرَةِ- وَهِيَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ- لِتَغَيُّرِهَا بِأَوَّلِ خَبَرٍ يَرِدُ عَلَيْكَ، ثُمَّ الْغَالِبُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي السُّرُورِ مُقَيَّدًا بِالْخَيْرِ الْمُبَشَّرِ بِهِ، وَغَيْرَ مُقَيَّدٍ أَيْضًا. وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَمِّ وَالشَّرِّ إِلَّا مُقَيَّدًا مَنْصُوصًا عَلَى الشَّرِّ الْمُبَشَّرِ بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى" فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ" [الانشقاق: 24]. وَيُقَالُ: بَشَرْتُهُ وَبَشَّرْتُهُ- مُخَفَّفٌ وَمُشَدَّدٌ- بِشَارَةً (بِكَسْرِ الْبَاءِ) فَأَبْشَرَ وَاسْتَبْشَرَ. وَبَشِرَ يَبْشُرُ إِذَا فَرِحَ. وَوَجْهٌ بَشِيرٌ إِذَا كَانَ حَسَنًا بَيِّنَ الْبَشَارَةِ (بِفَتْحِ الْبَاءِ). وَالْبُشْرَى: مَا يُعْطَاهُ الْمُبَشِّرُ. وَتَبَاشِيرُ الشَّيْءِ: أَوَّلُهُ. الثَّانِيَةُ- أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا قَالَ: مَنْ بَشَّرَنِي مِنْ عَبِيدِي بِكَذَا فَهُوَ حُرٌّ، فَبَشَّرَهُ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِهِ فَأَكْثَرُ فَإِنَّ أَوَّلَهُمْ يَكُونُ حُرًّا دُونَ الثَّانِي. وَاخْتَلَفُوا إِذَا قَالَ: مَنْ أَخْبَرَنِي مِنْ عَبِيدِي بِكَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَهَلْ يَكُونُ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ، فَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: نَعَمْ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَا، لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ إِنَّمَا قَصَدَ خَبَرًا يَكُونُ بِشَارَةً، وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ عُرْفًا فَوَجَبَ صَرْفُ القول إليه. وفرق محمد ابن الْحَسَنِ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَخْبَرَنِي، أَوْ حَدَّثَنِي، فَقَالَ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ أَيُّ غُلَامٍ لِي أَخْبَرَنِي بِكَذَا، أَوْ أَعْلَمَنِي بِكَذَا وَكَذَا فَهُوَ حُرٌّ- وَلَا نِيَّةَ لَهُ- فَأَخْبَرَهُ غُلَامٌ لَهُ بِذَلِكَ بِكِتَابٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ رَسُولٍ فَإِنَّ الْغُلَامَ يُعْتَقُ، لِأَنَّ هَذَا خَبَرٌ. وَإِنْ أَخْبَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ غُلَامٌ لَهُ عَتَقَ، لِأَنَّهُ قَالَ: أَيُّ غُلَامٍ أَخْبَرَنِي فَهُوَ حُرٌّ. وَلَوْ أَخْبَرُوهُ كُلُّهُمْ عَتَقُوا، وَإِنْ كَانَ عَنَى- حِينَ حَلَفَ- بِالْخَبَرِ كَلَامَ مُشَافَهَةٍ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ بِكَلَامٍ مُشَافَهَةً بِذَلِكَ الْخَبَرِ. قَالَ: وَإِذَا قَالَ أَيُّ غُلَامٍ لِي حَدَّثَنِي، فَهَذَا عَلَى الْمُشَافَهَةِ، لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْإِيمَانَ بِمُجَرَّدِهِ يَقْتَضِي الطَّاعَاتِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَا أَعَادَهَا، فَالْجَنَّةُ تُنَالُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَقِيلَ: الْجَنَّةُ تُنَالُ بِالْإِيمَانِ، وَالدَّرَجَاتُ تُسْتَحَقُّ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست