responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 21
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَنْبَغِي لِقَارِئِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذَا الناس مستيقضون، وببكائه إذ النَّاسُ يَضْحَكُونَ، وَبِصَمْتِهِ إِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ، وَبِخُضُوعِهِ إِذَا النَّاسُ يَخْتَالُونَ، وَبِحُزْنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفْرَحُونَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَخُوضَ مَعَ مَنْ يَخُوضُ، وَلَا يَجْهَلُ مَعَ مَنْ يَجْهَلُ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ لِحَقِّ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ فِي جَوْفِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى. وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَفْسَهُ بِالتَّصَاوُنِ عَنْ طُرُقِ الشُّبُهَاتِ، وَيُقِلَّ الضَّحِكَ وَالْكَلَامَ فِي مَجَالِسِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَيَأْخُذَ نَفْسَهُ بِالْحِلْمِ وَالْوَقَارِ. وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَوَاضَعَ لِلْفُقَرَاءِ، وَيَتَجَنَّبَ التَّكَبُّرَ وَالْإِعْجَابَ، وَيَتَجَافَى عَنِ الدُّنْيَا وَأَبْنَائِهَا إِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ، وَيَتْرُكَ الْجِدَالَ وَالْمِرَاءَ، وَيَأْخُذَ نَفْسَهُ بِالرِّفْقِ والأدب. وينبغي له أن يكون ممن يؤن شَرُّهُ، وَيُرْجَى خَيْرُهُ وَيُسْلَمُ مِنْ ضَرِّهِ، وَأَلَّا يَسْمَعَ مِمَّنْ نَمَّ عِنْدَهُ، وَيُصَاحِبَ مَنْ يُعَاوِنُهُ عَلَى الْخَيْرِ وَيَدُلُّهُ عَلَى الصِّدْقِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَيُزَيِّنُهُ وَلَا يَشِينُهُ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ، فَيَفْهَمَ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ وَمَا فَرَضَ عَلَيْهِ، فَيَنْتَفِعَ بِمَا يَقْرَأُ وَيَعْمَلَ بِمَا يَتْلُو، فَكَيْفَ يَعْمَلُ بِمَا لَا يَفْهَمُ مَعْنَاهُ، وَمَا أَقْبَحَ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ فِقْهِ مَا يَتْلُوهُ وَلَا يَدْرِيهِ، فَمَا مَثَلُ مَنْ هَذِهِ حَالَتُهُ إِلَّا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا. وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْرِفَ الْمَكِّيَّ مِنَ الْمَدَنِيِّ لِيُفَرِّقَ بِذَلِكَ بَيْنَ مَا خَاطَبَ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَمَا نَدَبَهُمْ إِلَيْهِ فِي آخِرِ الْإِسْلَامِ، وَمَا افْتَرَضَ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَرَائِضِ فِي آخِرِهِ. فَالْمَدَنِيُّ هُوَ النَّاسِخُ لِلْمَكِّيِّ فِي أَكْثَرِ الْقُرْآنِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْسَخَ الْمَكِّيُّ الْمَدَنِيَّ، لِأَنَّ الْمَنْسُوخَ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي النُّزُولِ قَبْلَ النَّاسِخِ لَهُ. وَمِنْ كَمَالِهِ أَنْ يَعْرِفَ الْإِعْرَابَ وَالْغَرِيبَ، فَذَلِكَ مِمَّا يُسَهِّلُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ مَا يَقْرَأُ، وَيُزِيلُ عَنْهُ الشَّكَّ فِيمَا يَتْلُو. وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ سَمِعْتُ الْجَرْمِيَّ يَقُولُ: أَنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً أُفْتِي النَّاسَ فِي الْفِقْهِ مِنْ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا عُمَرَ الْجَرْمِيَّ كَانَ صَاحِبَ حَدِيثٍ، فَلَمَّا عَلِمَ كِتَابَ سِيبَوَيْهِ تَفَقَّهَ فِي الْحَدِيثِ، إِذْ كَانَ كِتَابُ سِيبَوَيْهِ يُتَعَلَّمُ منه النظر والتفسير. ثم فِي السُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست