نام کتاب : تفسير الشعراوي نویسنده : الشعراوي جلد : 1 صفحه : 624
ولكن لأنهم سفهاء فعلا. . والسفه جهل وحمق وطيش قالوها. . فكانوا وهم الكافرون بالقرآن الذين يريدون هدم هذا الدين من المثبتين للإيمان الذين تشهد أعمالهم بصدق القرآن. لأن الله سبحانه قال: {سَيَقُولُ السفهآء} وهم قالوا فعلا. . ولقد قال كفار مكة عن الكعبة إنها بيتنا وبيت آبائنا وليست بيت الله. . فصرف الله رسوله في أول الإسلام ووجهه إلى بيت المقدس. . وعندئذ قال اليهود: يسفه ديننا ويتبع قبلتنا. . والله سبحانه وتعالى أراد أن يحتوي الإسلام كل دين قبله فتكون القداسة للكل. . ولذلك أسرى برسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مكة إلى بيت المقدس. . حتى يدخل بيت المقدس في مقدسات الإسلام لأنه أصبح محتوى في الإسلام.
ولم يشأ الله أن يجعل القبلة إلى الكعبة أول الأمر لأنهم كانوا يقدسونها على أنها بيت العرب وكانوا يضعون فيها أصنامهم. . ووضع الأصنام في الكعبة شهادة بأن لها قداسة في ذاتها. . فالقداسة لم تأت بأصنامهم بل هم أرادوا أن يحموا هذه الأصنام فوضعوها في الكعبة.
. لماذا لم يضعوها في مكان آخر؟ لأن الكعبة مقدسة بدون أصنام.
والله سبحانه وتعالى حين قال: {سَيَقُولُ السفهآء مِنَ الناس مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ التي كَانُواْ عَلَيْهَا} . . وَلاّه يعني حرفه ورده. . والقبلة التي كانوا عليها هي بيت المقدس. . وهنا يأتي الحق برد جامع هو أن أوامر الله الإيمانية لا ترتبط بالعلة. . إنما علة التنفيذ فيما يأمرنا الله سبحانه به جل جلاله أن الله هو الآمر. . ولو أن الحق تبارك وتعالى بين لنا السبب أو العلة في تغيير القبلة لما كان الأمر امتحانا للإيمان في القلوب. . لأن الإيمان والعبادة هي طاعة معبود فيما يأمر وما ينهي. . يقول لك الله عظم هذا الحجر وهو الحجر الأسود الموجود في الكعبة وتعظمه بالاستلام والتقبيل. . ويقول لك: ارجم هذا الحجر الذي يرمز إلى إبليس فترجمه بالحصى، ولا يقول الله سبحانه لماذا؟ لأنه لو قال لماذا ضاع الإيمان هنا وأصبح الأمر مسألة إقناع واقتناع.
فأنا حين أقول لك لا تأكل هذا لأنه مر وكل هذا لأنه حلو يكون السبب واضحا. . ولكن الله تبارك وتعالى يقول لك كل هذا ولا تأكل هذا. . فإن أكلت مما حرمه تكون آثما. وإن امتنعت تكون طائعا وتثاب.
إذن العلة الإيمانية هي أن الأمر صادر من الله سبحانه. . ولو أنك امتنعت عن
نام کتاب : تفسير الشعراوي نویسنده : الشعراوي جلد : 1 صفحه : 624