قَوْله تَعَالَى: {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} قَرَأَ أبي بن كَعْب: " مَا كَانَ الَّذين كفرُوا " وَهُوَ شَاذ، وَالْمَعْرُوف هُوَ الأول.
وَقَوله تَعَالَى: {من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين} أَي: منتهين، وَمَعْنَاهُ: أَن الْكفَّار من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين مَا كَانُوا منتهين عَن كفرهم حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة أَي: حَتَّى أَتَاهُم الرَّسُول، مُسْتَقْبل بِمَعْنى الْمَاضِي، وَقيل: الْبَيِّنَة هِيَ الْقُرْآن، وَهَذَا قَول مَعْرُوف مُعْتَمد، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين الَّذين سمعُوا مِنْهُم لم يزَالُوا على إِقْرَار بِالنَّبِيِّ قبل ظُهُوره، فَلَمَّا ظهر اخْتلفُوا، فَأقر بَعضهم، وَأنكر الْبَعْض،
وَقَوله: {رَسُول من الله} أَي: هُوَ رَسُول من الله، وَقيل: حَتَّى أَتَاهُم رَسُول من الله.
وَقَوله: {يَتْلُو صحفا مطهرة} أَي: مَا فِي الصُّحُف، وَقَوله: {مطهرة} أَي: من التَّغْيِير والتبديل والإدناس والإنجاس.
وَقَوله: {فِيهَا كتب قيمَة} أَي: أَحْكَام مُسْتَقِيمَة عادلة، وَالْكتاب يَأْتِي بِمَعْنى الحكم، والكتب بِمَعْنى الْأَحْكَام، وَفِي قصَّة العسيف أَن النَّبِي قَالَ: " لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله " أَي: بِحكم الله.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
{لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة (1) رَسُول من الله يَتْلُو صحفا مطهرة (2) فِيهَا كتب قيمَة (3) وَمَا تفرق الَّذين}
تَفْسِير سُورَة لم يكن