قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين نسوا الله فأنساهم أنفسهم} أَي: تركُوا أَمر الله فتركهم من نظره وَرَحمته. وَقيل مَعْنَاهُ: تركُوا طلب الْحَظ لأَنْفُسِهِمْ فِي الْآخِرَة بِمَا تركُوا من أَمر الله، وَنسب إِلَى الله تَعَالَى؛ لِأَن تَركهم طلب الْحَظ لأَنْفُسِهِمْ وفواته إيَّاهُم كَانَ لأجل مَا توجه عَلَيْهِم من أَمر الله، وَقيل مَعْنَاهُ: أغفلهم عَن حَظّ أنفسهم عُقُوبَة لَهُم. قَالَ النّحاس: ويستقيم فِي الْعَرَبيَّة أَن يُقَال: نسيهم فلَان بِمَعْنى تَركهم. وَلَا يَسْتَقِيم أنساهم بِمَعْنى تَركهم.
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله ولتنظر نفس مَا قدمت لغد} قَالَ قَتَادَة: مَا زَالَ يقرب السَّاعَة حَتَّى جعل كالغد.
وَقَوله: {وَاتَّقوا الله إِن الله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ} الْأَمر بالتقوى على طَرِيق التَّأْكِيد.
{أَنَّهُمَا فِي النَّار خَالِدين فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمين (17) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله ولتنظر نفس مَا قدمت لغد وَاتَّقوا الله إِن الله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، عَن سُفْيَان.
وَقَوله: {فَلَمَّا كفر قَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْك إِنِّي أَخَاف الله رب الْعَالمين} هَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا تراءت الفئتان نكص على عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُم إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ إِنِّي أَخَاف الله وَالله شَدِيد الْعقَاب} وَقيل: إِن خَوفه من الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا لَا من الْعقُوبَة فِي الْآخِرَة. وَقيل: هُوَ الْخَوْف من الْعقُوبَة فِي الْآخِرَة إِلَّا أَن خَوفه لَا يَنْفَعهُ لعدم الْإِيمَان. وَقيل: إِن الْآيَة نزلت فِي جَمِيع الْكفَّار لَا فِي كَافِر مَخْصُوص، وَالْمَشْهُور هُوَ القَوْل الأول.