قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم} أَي: من بني النَّضِير، والفيء كل مَال رد الله تَعَالَى من الْكفَّار إِلَى الْمُسلمين، وَهُوَ مَأْخُوذ من الْفَيْء بِمَعْنى الرُّجُوع يُقَال: فَاء إِذا رَجَعَ، وَمِنْه فَيْء الظل، وَالْفرق بَين الْفَيْء وَالْغنيمَة: أَن الْغَنِيمَة هِيَ مَا أَخذه الْمُسلمُونَ من الْكفَّار بِإِيجَاف الْخَيل والركاب، والفيء مَا صَار إِلَى الْمُسلمين من أَمْوَال الْكفَّار من غير إيجَاف خيل وركاب.
وَقَوله: {فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} الركاب: الْإِبِل، وَالْمعْنَى: أَن أَمْوَالهم صَارَت إِلَى رَسُول الله من غير إيجافكم بخيل أَو إبل. والإيجاف: الْإِسْرَاع. فَجعل الله تَعَالَى أَمْوَال بني النَّضِير للنَّبِي خَاصَّة، لِأَن النَّبِي ظهر عَلَيْهِم من غير قتال من الْمُسلمين، وَكَانَ يدّخر مِنْهَا قوت سنة لِعِيَالِهِ، وَالْبَاقِي يتَّخذ مِنْهُ الكراع وعدة فِي سَبِيل الله ".
وَفِي تَفْسِير قَتَادَة: أَن الْمُسلمين طلبُوا أَن يقسم بَينهم، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَجعل مَا أَصَابُوهُ للرسول خَاصَّة، وَكَانَ رَسُول الله لما أجلاهم شَرط أَن لَهُم مَا تحمله إبلهم إِلَّا الْحلقَة، يَعْنِي: السِّلَاح.
وَقَوله: {وَلَكِن الله يُسَلط رسله على من يَشَاء} أَي: رَسُوله على من يَشَاء.
وَقَوله: {وَالله على كل شَيْء قدير} أَي: قَادر.
قَوْله تَعَالَى: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} فِي الْآيَة بَيَان مصارف الْخمس، وَقد بَينا من قبل،
{رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب وَلَكِن الله يُسَلط رسله على من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير (6) مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ}
وَقَوله: {وليخزي الْفَاسِقين} هم الْيَهُود، وإخزاؤهم هُوَ رُؤْيَتهمْ كَيفَ يتحكم الْمُؤْمِنُونَ فِي أَمْوَالهم.