قَوْله: {ثلة من الْأَوَّلين} أَي: جمَاعَة من الْأَوَّلين، وَلَفظ الثلَّة مَأْخُوذ من الثل وَهُوَ الْقطع.
وَقَوله: {وَقَلِيل من الآخرين} اخْتلف أهل التَّفْسِير فِيهِ على الْقَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: أَن المُرَاد من الْأَوَّلين هم أَتبَاع الْأَنْبِيَاء الْمُتَقَدِّمين قبل نَبينَا مُحَمَّد.
وَقَوله: {وَقَلِيل من الآخرين} هم من أمة مُحَمَّد.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُمَا جَمِيعًا من هَذِه الْأمة، وَقد رُوِيَ هَذَا فِي خبر مَرْفُوع، وَهُوَ قَول الْحسن وَابْن سِيرِين. فَإِن قيل على القَوْل الأول: كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا، وَأَتْبَاع الرَّسُول من الْمُؤمنِينَ أَكثر من أَتبَاع الْأَنْبِيَاء؟ وَالْجَوَاب: أَن المُرَاد من الْأَوَّلين هُوَ من رأى جمع الْأَنْبِيَاء وآمن بهم، وَمن الآخرين من رأى مُحَمَّدًا وآمن بِهِ، وعَلى الْقطع
{جنَّات النَّعيم (12) ثلة من الْأَوَّلين (13) وَقَلِيل من الآخرين (14) } الظَّالِمُونَ لأَنْفُسِهِمْ، وَأَصْحَاب الميمنة هم المقتصدون، وَالسَّابِقُونَ هم السَّابِقُونَ بالخيرات. وَالْقَوْل الأول هُوَ الْأَصَح، وَأَن أَصْحَاب المشأمة هم الْكفَّار؛ وَلِأَن الله تَعَالَى قَالَ بعده: {وَأَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال فِي سموم وحميم} ووصفهم بالْكفْر على مَا سَيَأْتِي.