{أَصْحَاب المشأمة (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ المقربون (11) فِي} وَأَصْحَاب المشأمة هم الَّذين أخذُوا من الشق الْأَيْسَر. وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: أَصْحَاب الميمنة هم الَّذين يُعْطون الْكتاب بإيمالهم. وَأَصْحَاب المشأمة هم الَّذين يُعْطون الْكتاب بشمالهم وَقَالَ السدى: أَصْحَاب الميمنة: جُمْهُور أهل الْجنَّة، وَأَصْحَاب المشأمة: جُمْهُور أهل النَّار. وَيُقَال: أَصْحَاب الميمنة هم الميامين على أنفسهم، وَأَصْحَاب المشأمة هم المشائيم على أنفسهم. وَالْعرب تسمي الْجَانِب الْأَيْسَر الْجَانِب الأشأم، وتسمي الْيَسَار الشؤمى، وَالْيَمِين الْيُمْنَى.
وَقَوله: {مَا أَصْحَاب الميمنة} و {مَا أَصْحَاب المشأمة} هَذَا فِي كَلَام الْعَرَب للتعجيب، وَهُوَ فِي كَلَام الله مَعَ عباده للتّنْبِيه على عظم شَأْن الْأَمر.
وَقَوله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ كَعْب: هم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام. وَعَن بَعضهم: هُوَ كل من صلى إِلَى الْقبْلَتَيْنِ. وَعَن ابْن عَبَّاس فِي بعض الرِّوَايَات: مُؤمن آل فِرْعَوْن سبق إِلَى مُوسَى، وَمُؤمن آل ياسين سبق إِلَى عِيسَى، وَعلي سبق إِلَى مُحَمَّد بِالْإِيمَان، أوردهُ أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس. وَيُقَال: السَّابِقُونَ هم المبادرون إِلَى الطَّاعَات.
وَقَوله: {السَّابِقُونَ} تَقْدِير الْآيَة: وَالسَّابِقُونَ إِلَى الْخيرَات والطاعات هم السَّابِقُونَ فِي الدَّرَجَات. وَقيل: هُوَ على طَرِيق التَّأْكِيد.
وَقَوله: {أُولَئِكَ المقربون} أَي: المقربون من الْمنزلَة والكرامة والوصول إِلَيّ رضَا الله تَعَالَى. وَذكر فِي مَوضِع آخر أصنافا ثَلَاثَة فَقَالَ: {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات} فَذهب بعض أهل التَّفْسِير إِلَى أَن الْأَصْنَاف الْمَذْكُورين فِي سُورَة الْوَاقِعَة [كلهم] من الْمُؤمنِينَ مثل الْأَصْنَاف الْمَذْكُورين فِي تِلْكَ السُّورَة، وَأَن أَصْحَاب المشأمة هم