{فَبِأَي آلَاء رَبك تتمارى (55) هَذَا نَذِير من النّذر الأولى (56) أزفت الآزفة (57) لَيْسَ لَهَا من دون الله كاشفة (58) أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا} تكذب. والمرية: هِيَ الشَّك فِي اللُّغَة. وَالْخطاب للْكَافِرِ أَي: فَبِأَي آلَاء رَبك تتمارى أَيهَا الْكَافِر.
وَقَوله: {هَذَا نَذِير من النّذر الأولى} أَي: نَبِي يشبه الْأَنْبِيَاء الْمُتَقَدِّمين.
وَقَوله: {أزفت الآزفة لَيْسَ لَهَا من دون الله كاشفة} فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله: " كاشفة "؟ وَلم أَدخل هَاء التَّأْنِيث؟ وَالْجَوَاب: أَن بَعضهم قَالَ: لموافقة رُءُوس الآى وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ لَيْسَ لَهَا من دون الله نفس كاشفة وَهَذَا أحسن وَمعنى الْآيَة: أَنه لَا يعلم علمهَا سوى الله تَعَالَى. وَهُوَ علم قِيَامهَا وتجليها وَيُقَال لَا يَأْتِي بهَا أحد سوى الله تَعَالَى.
يُقَال: كشف عَن الشَّيْء إِذا أظهره أَي: لَا يكْشف عَن الْقِيَامَة وَلَا يظهرها غير الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ} أَي: الْقُرْآن.
وَقَوله: {تعْجبُونَ} أَي: تتعجبون، وتعجبهم أَنهم قَالُوا: كَيفَ أنزل على وَاحِد مثلنَا. وَيُقَال: تعجبهم من قَوْله إِن الله وَاحِد على مَا قَالَ فِي مَوضِع آخر {أجعَل الْآلهَة إِلَهًا وَاحِدًا إِن هَذَا لشَيْء عُجاب} .
وَقَوله: {وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} يَعْنِي: من حقكم أَن تبكوا لَا أَن تَضْحَكُوا. وَفِي التَّفْسِير: " أَن النَّبِي لما نزلت هَذِه الْآيَة لم ير ضَاحِكا إِلَى أَن خرج من الدُّنْيَا، غير أَنه كَانَ يبتسم ". وَفِي بعض الْأَخْبَار: عجبت من ضَاحِك (ملْء فِيهِ وَالْمَوْت يَطْلُبهُ) .