قَوْله تَعَالَى: {وَمن آيَاته أَن يُرْسل الرِّيَاح مُبَشِّرَات} الرّيح: جسم رَقِيق يجْرِي فِي الجو يَمِينا وَشمَالًا على مَا دبر من حركاته فِي جهاته مُمْتَنع الْقَبْض عَلَيْهِ للطفه. وَعَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: الرِّيَاح أَرْبَعَة للرحمة، وَأَرْبَعَة للعذاب، وجملتها ثَمَانِيَة: فالتي للرحمة: الْمُبَشِّرَات، والناشرات، والذاريات، والمرسلات، وَالَّتِي للعذاب: الْعَقِيم، والصرصر فِي الْبر، والعاصف، والقاصف فِي الْبَحْر.
{كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبل كَانَ أَكْثَرهم مُشْرِكين (42) فأقم وَجهك للدّين الْقيم من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا مرد لَهُ من الله يَوْمئِذٍ يصدعون (43) من كفر فَعَلَيهِ كفره وَمن عمل صَالحا فلأنفسهم يمهدون (44) ليجزي الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات من فَضله إِنَّه}
وَقَوله: {كَانَ أَكْثَرهم مُشْرِكين} أَي: بِاللَّه.
قَوْله تَعَالَى: {فأقم وَجهك للدّين الْقيم} أَي: اقصد جِهَة الدّين الْقيم، وَقيل: سدد عَمَلك للدّين الْقيم، وَيُقَال: اسْتَقِم على الدّين الْقيم.
وَقَوله: {من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا مرد لَهُ} أَي: الْقِيَامَة لَا يقدر أحد على رده من الله.
وَقَوله: {يَوْمئِذٍ يصدعون} أَي: يتفرقون فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير.
قَالَ الشَّاعِر:
(وَكُنَّا كندمانى جذيمة حقبة ... من الدَّهْر حَتَّى قيل لن يتصدعا)
أَي: لن يَتَفَرَّقَا.