قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم} الحكم فصل الْخُصُومَة بِمَا توجبه الشَّرِيعَة.
{يخلق الله مَا يَشَاء إِن الله على كل شَيْء قدير (45) لقد أنزلنَا آيَات مبينات وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم (46) وَيَقُولُونَ آمنا بِاللَّه وبالرسول وأطعنا ثمَّ يتَوَلَّى فريق مِنْهُم من بعد ذَلِك وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذا}
وَقَوله: {يخلق الله مَا يَشَاء} يَعْنِي: يخلق الله مَا يَشَاء سوى مَا ذكر.
وَقَوله: {وَالله على كل شَيْء قدير} ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: {لقد أنزلنَا آيَات مبينات} قد بَينا.
وَقَوله: {وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} أَي: دين الْحق، وَهُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم.
قَوْله تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ آمنا بِاللَّه وبالرسول وأطعنا} ذكر النقاش أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي رجل من الْمُنَافِقين يُسمى بشرا وَرجل من الْيَهُود، كَانَت بَينهمَا خصوصة، فَقَالَ الْيَهُودِيّ: نَتَحَاكَم إِلَى مُحَمَّد، وَقَالَ الْمُنَافِق: نَتَحَاكَم إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف، فَأنْزل الله تَعَالَى فِي هَذَا الْمُنَافِق وأشباهه هَذِه الْآيَة، وَأورد أَبُو بكر الْفَارِسِي فِي " أَحْكَام الْقُرْآن " أَن النَّبِي لما هَاجر إِلَى الْمَدِينَة، ترك الْأَنْصَار لَهُ وللمهاجرين كل أَرض لَا يصل إِلَيْهَا المَاء، فَأعْطى رَسُول الله عُثْمَان وعليا من ذَلِك، فَبَاعَ عَليّ نصِيبه من عُثْمَان، فَوجدَ عُثْمَان الأَرْض كلهَا أَحْجَار لَا يُمكن أَن تزرع، فَطلب من عَليّ الثّمن الَّذِي أعطَاهُ، فَقَالَ عَليّ: وَمَا علمي بالأحجار، وَلَو وجدت كنزا هَل كَانَ لي مِنْهُ شَيْء؟ فَأَرَادَ أَن يتحاكما إِلَى النَّبِي، فَقَالَ الحكم بن أبي الْعَاصِ لعُثْمَان: لَا تحاكمه إِلَى مُحَمَّد، فَإِنَّهُ يقْضِي لِابْنِ عَمه، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة فِي الحكم بن أبي الْعَاصِ.
وَقَوله: {ثمَّ يتَوَلَّى فريق مِنْهُم من بعد ذَلِك} أَي: من بعد مَا قَالُوا آمنا بِاللَّه وبالرسول.
وَقَوله: {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} أَي: بالمصدقين.