قَوْله - تَعَالَى -: {إِنَّمَا التَّوْبَة على الله للَّذين يعْملُونَ السوء بِجَهَالَة} قَالَ قَتَادَة: أجمع أَصْحَاب رَسُول الله على أَن من عصى الله فَهُوَ جَاهِل، وَقيل: أَرَادَ بِهِ: الْجُهَّال بكنه عُقُوبَة الله، وَقيل: الْجَهَالَة فِي الْمعْصِيَة: أَنه اخْتَار اللَّذَّة الفانية على اللَّذَّة الْبَاقِيَة.
{ثمَّ يتوبون من قريب} يَعْنِي: قبل الْمَوْت، قَالَ الضَّحَّاك: كل مَا بَيْنك وَبَين الْمَوْت فَهُوَ قريب، وَقيل: أَرَادَ بِهِ: التَّوْبَة قبل أَن يعاين ملك الْمَوْت، وَقيل: أَرَادَ بِهِ: ثمَّ يتوبون قبل أَن يغرغروا.
وَفِي الْخَبَر: أَن النَّبِي قَالَ: " من تَابَ قبل مَوته بِسنة تَابَ الله عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن السّنة (لكثيرة) ، ثمَّ قَالَ: من تَابَ قبل مَوته بِشَهْر تَابَ الله عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن الشَّهْر لكثير، ثمَّ قَالَ: من تَابَ قبل مَوته بجمعة، تَابَ الله عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن الْجُمُعَة (لكثيرة) ، ثمَّ قَالَ: من تَابَ قبل مَوته بِيَوْم، تَابَ الله عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن الْيَوْم لكثير، (من تَابَ قبل مَوته بِنصْف يَوْم تَابَ الله عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن نصف الْيَوْم لكثير) من تَابَ قبل مَوته بساعة تَابَ الله عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن السَّاعَة لكثيرة، من تَابَ قبل أَن يُغَرْغر تَابَ الله عَلَيْهِ ". رَوَاهُ عبَادَة بن الصَّامِت، فَهَذَا معنى قَوْله: {ثمَّ يتوبون من قريب فَأُولَئِك يَتُوب الله عَلَيْهِم وَكَانَ الله عليما حكيما} .