الآية (201) - سورة البقرة.
لما أجرى الله تعالى العادة أن لابد للإنسان من أخيارهم وأشرارهم من بلغه في الدنيا، صار المؤمن يطلبها كما يطلبها الكافر، لكان طلب المؤمن لها علي سبيل الغرض قدر ما يحس، وفي وقت ما يحسن، ولأجل الحاجة إليها ..
قال بعض الصالحين: " اللهم وسع الدنيا عليّ، وزهذني فيها، ولا تضيقها عليَّ فترغبني فيها ".
فقوله تعالى: {آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} أي مالا يستقبح عاجلاً وأجلىً ويكون ذريعة إلى المقصد، {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} أي ثواباً ورحمة وعلى هذا قال الحسن الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، وفي الآخرة: الجنة {وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} أي: احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدية إلى النار.
قوله- عز وجل -:
{أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}
الآية: (202) - سورة البقرة.
النصيب في الأصل: المنصوب، وجعل السهم المقرر نصيباً، والنصب: رفع الشح، وبه سمي النصب، وإنصاب الحرم، ونصاب السكين، وفلان في نصاب صدق تشبيهاً بنصاب السكين، ونسب الحروف في الإعراب، ونصب الستر على التشبيه، والحساب: عنه استعير الحسبان المقارب لمعنى الظن، وحسب الذي هو معنى الكفاية بين تعالى أن من جمع بين طلب دنياه وأخراه، ولم يقتصر على طلب الدنيا الموصوفة.
بقوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} الآية، فقد تناول نصيبه المأمور به في قوله: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}، ولم يكن كمن قال فيهم:
نام کتاب : تفسير الراغب الأصفهاني نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 425