responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 290
أَخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الطَّوِيلِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ [الأنعام: 61- 62] .
وقوله جل وعلا: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى هَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْكَافِرِ الَّذِي كَانَ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا مُكَذِّبًا لِلْحَقِّ بِقَلْبِهِ مُتَوَلِّيًا عَنِ الْعَمَلِ بِقَالَبِهِ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ بَاطِنًا وَلَا ظاهرا، ولهذا قال تَعَالَى: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَيْ جَذِلًا أَشِرًا بَطِرًا كَسْلَانًا لَا هِمَّةَ لَهُ وَلَا عمل، كما قال تعالى: وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ [الْمُطَفِّفِينَ: 34] .
وقال تعالى: إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أَيْ يَرْجِعَ بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً [الِانْشِقَاقِ: 13- 15] وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَيْ يَخْتَالُ: وَقَالَ قَتَادَةُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: يَتَبَخْتَرُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى وَهَذَا تَهْدِيدٌ ووعيد أكيد من الله تعالى للكافر به المتبختر في مشيه أَيْ يَحِقُّ لَكَ أَنْ تَمْشِيَ هَكَذَا وَقَدْ كَفَرْتَ بِخَالِقِكَ وَبَارِئِكَ كَمَا يُقَالُ فِي مِثْلِ هذا على سبيل التهكم والتهديد، كقوله تعالى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدُّخَانِ: 49] وَكَقَوْلِهِ تعالى: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ [الْمُرْسَلَاتِ: 46] وَكَقَوْلِهِ تعالى: فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ [الزُّمَرِ: 15] وَكَقَوْلِهِ جل جلاله: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فُصِّلَتْ: 40] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قُلْتُ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى قَالَ: قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي جَهْلٍ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ.
وقال أبو عبد الرّحمن النسائي: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى؟
قَالَ: قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي جهل ثُمَّ أَنْزَلَهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى وَعِيدٌ عَلَى أَثَرِ وَعِيدٍ كَمَا تَسْمَعُونَ، وَزَعَمُوا أَنَّ عَدُوَّ اللَّهِ أَبَا جهل أخذ نبي الله صلّى الله عليه وسلّم بِمَجَامِعِ ثِيَابِهِ ثُمَّ قَالَ: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى فَقَالَ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ: أَتُوعِدُنِي يَا مُحَمَّدُ؟ وَاللَّهِ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْتَ وَلَا رَبُّكَ شَيْئًا وَإِنِّي لَأَعَزُّ من مشى بين جبليها.
وقوله تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي لَا يُبْعَثُ. وَقَالَ

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست