responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 278
[سورة المدثر (74) : الآيات 31 الى 37]
وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَما هِيَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ (31) كَلاَّ وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (34) إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35)
نَذِيراً لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37)
يَقُولُ تَعَالَى: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ أَيْ خزانها إِلَّا مَلائِكَةً زَبَانِيَةً غِلَاظًا شِدَادًا، وَذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مُشْرِكِي قريش حين ذكروا عَدَدَ الْخَزَنَةِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا يَسْتَطِيعُ كُلُّ عَشْرَةٍ مِنْكُمْ لِوَاحِدٍ منهم فتغلبونهم، فقال الله تَعَالَى: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً أَيْ شَدِيدِي الْخَلْقِ لَا يُقَاوَمُونَ وَلَا يُغَالَبُونَ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَا الْأَشُدَّيْنِ وَاسْمُهُ كَلْدَةُ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ خَلَفٍ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اكْفُونِي مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَنَا أَكْفِيكُمْ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ إِعْجَابًا مِنْهُ بِنَفْسِهِ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِنَ الْقُوَّةِ فِيمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ عَلَى جِلْدِ الْبَقَرَةِ وَيُجَاذِبُهُ عَشْرَةٌ لِيَنْتَزِعُوهُ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ فَيَتَمَزَّقُ الْجِلْدُ وَلَا يَتَزَحْزَحُ عَنْهُ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَهُوَ الَّذِي دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُصَارَعَتِهِ، وَقَالَ إِنْ صَرَعْتَنِي آمَنْتُ بِكَ، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا فَلَمْ يُؤْمِنْ، قَالَ وَقَدْ نَسَبَ ابْنُ إِسْحَاقَ خَبَرَ الْمُصَارَعَةِ إِلَى رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ.
(قُلْتُ) : وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَاهُ والله أعلم.
وقوله تعالى: وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ إِنَّمَا ذَكَرْنَا عِدَّتَهُمْ أَنَّهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ اخْتِبَارًا مِنَّا لِلنَّاسِ لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أَيْ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا الرَّسُولَ حَقٌّ فَإِنَّهُ نَطَقَ بِمُطَابَقَةِ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً أي إلى إيمانهم أي بِمَا يَشْهَدُونَ مِنْ صِدْقِ إِخْبَارِ نَبِيِّهِمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَيْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْكافِرُونَ مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا أَيْ يَقُولُونَ مَا الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ هَذَا هَاهُنَا؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ أَيْ مِنْ مِثْلِ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ يَتَأَكَّدُ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِ أَقْوَامٍ وَيَتَزَلْزَلُ عِنْدَ آخَرِينَ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة.
وقوله تعالى: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ أَيْ مَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ وَكَثْرَتَهُمْ إِلَّا هُوَ تَعَالَى لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ فَقَطْ، كَمَا قَدْ قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالَةِ والجهالة من الفلاسفة اليونانيين ومن شايعهم مِنَ الْمِلَّتَيْنِ الَّذِينَ سَمِعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فَأَرَادُوا تَنْزِيلَهَا عَلَى الْعُقُولِ الْعَشَرَةِ وَالنُّفُوسِ التِّسْعَةِ الَّتِي اخْتَرَعُوا دَعْوَاهَا وَعَجَزُوا عَنْ إِقَامَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى مُقْتَضَاهَا، فَأُفْهِمُوا صَدْرَ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِآخِرِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ.

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست